كتب جودة عبد الصادق إبراهيم
تستعدّ الولايات المتحدة الأمريكية ، لحدث لأول مرة غير مسبوق، وهو اعتقال الرئيس السابق دونالد ترامب ، حتى وإن كان “رمزيا”, أو توجيه لائحة اتهام جنائية له.
هذا الحدث يخص بالتأكيد الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي لم يتوقف عن إثارة الجدل سواء في فترة حكمه أو حتى عند مغادرته الرئاسة، ومستمر لما بعدها وهو رئيس سابق.
سابقة لم تحدث
وفي حال اعتقاله أو حتى توجيه اتهامات إليه، فإن ذلك سيشكل سابقة لم تحدث في تاريخ الولايات المتحدة، سواء لرئيس أمريكي في منصبه أو حتى غادر البيت الأبيض.
ويتهم ترامب في قضية تسديد مبلغ من المال في العام 2016 لممثلة إباحية يُعتقد أنه كان على علاقة بها، لشراء سكوتها عن علاقة يعتقد أنها كانت قائمة بينهما خارج إطار الزواج، وفقاً للاتهامات.
سيناريو “يوم الكابيتول”
وكعادته في رفض الواقع أو محاولة الهروب منه وإلقاء التهم على الآخرين، وصف الرئيس السابق القضية بأنها “حملة اضطهاد”، داعياً إلى تظاهرات.
وهاجم ترامب، الإثنين، مكتب المدعي العام ألفين براغ، القاضي الأمريكي الديموقراطي من أصل أفريقي، المنتخب (مثل جميع القضاة والمدّعين العامين)، واصفاً إياه بـ”الفاسد”.
وتعيد تلك الدعوة للتظاهر إلى الأذهان ما حدث حينما اقتحم أنصاره الكابيتول وانتشروا في مجلسي الشيوخ والنواب، وتسببوا بأزمة غير مسبوقة، لعدم قبوله نتيجة الانتخابات الأمريكية، وتأكيده الذي لا يزال مقتنعا به بأنها زورت، دون أن يقدم أي دليل.
فالرئيس الأمريكي الـ45، الذي هزمه جو بايدن في نوفمبر 2020 والذي يحلم بالفوز مجددا بالرئاسة في نوفمبر 2024، لم يخش تكرار سيناريو اقتحام الكابيتول ودعا أنصاره إلى “التظاهر”.
وبحسب مناصريه، فإنه من المقرّر تنظيم أول تجمّع “سلمي” للشباب في جنوب جزيرة مانهاتن بنيويورك.
يأتي هذا فيما أفادت وسائل إعلام بأنّ 6 من أعضاء المجموعة اليمينية المتطرّفة أوث كيبرز (حرّاس القسم)، أدينوا، الإثنين، بتُهم مختلفة تتعلّق بالهجوم على الكابيتول.
كيف تستعد الشرطة؟
وفي مواجهة سيناريو التوترات أو حتى العنف في هذه المدينة التي يؤيد ناخبوها بغالبيتهم الحزب الديمقراطي – ولكن يحظى ترامب بمؤيّدين – قال متحدث باسم الشرطة لوكالة الأنباء الفرنسية، إنّ “حالة استعداد شرطة نيويورك ثابتة في كل الأوقات ولجميع الاحتمالات”.
وأشار إلى أن “شرطة نيويورك تقوم بالتنسيق مع الشرطة الفدرالية ومكتب النيابة العامة في مانهاتن”.
وكان ترامب أعلن، السبت، عبر منصّته “تروث سوشال” أنّه يتوقّع “توقيفه” الثلاثاء، مستشهدا بـ”تسريبات” من النيابة العامة لولاية نيويورك، متوقّعا توجيه تهم جنائية إليه بعد تحقيق للنيابة العامة لمنطقة مانهاتن بقيادة المدّعي العام ألفين براغ، استمرّ سنوات.
وندّدت سوزان نيكيليس محامية ترامب، السبت، بالتحقيقات زاعمة أنه “ملاحقات سياسية”.
قضية “معقدة”
وتُعتبر قضية الممثلة الإباحية ستورمي دانييلز معقّدة قانونيا، إذ يسعى القضاء في نيويورك إلى تحديد ما إذا كان ترامب مذنباً بتزوير بيانات – في ما يعدّ جنحة – أو بسبب خرق قوانين تمويل الحملات الانتخابية – في ما يشكّل جريمة جنائية.
وترامب متهم بدفع مبلغ 130 ألف دولار لهذه المرأة، واسمها الحقيقي “ستيفاني كليفورد”، في الأسابيع التي سبقت الانتخابات في نوفمبر 2016.
وفي ظل تسارع التحقيقات، دافع ترامب عن نفسه مرة أخرى الإثنين، وكتب بأحرف كبيرة على منصة “تروث سوشيال”: “لا توجد جريمة”.
وأدلى مايكل كوهن، محامي ترامب السابق، الذي سدّد المبلغ عام 2016 والذي تحوّل إلى عدوّه منذ ذلك الحين، والممثّلة الإباحية، بشهادتيهما أمام هيئة محلّفين كبرى، وهي لجنة مواطنين تتمتّع بسلطات تحقيق واسعة ومسؤولة عن التصديق على لائحة الاتهام.
سيناريو “التوقيف”
“سيتمّ توقيفه بشكل رمزي للحظات وتصويره وأخذ بصمات أصابعه، وربما يتم تكبيل يديه لبضع دقائق”.. سيناريوهات افترضها خبراء قانون ومشرعين أمريكيين للطريقة التي سيتم توقيف ترامب بها.
وكان ترامب دُعي للتحدّث أمام هيئة المحلّفين، وأكد أحد محاميه أنّه “سيستجيب” طوعاً لاستدعاء من القضاء في نيويورك، وفقا للصحافة الأمريكية.
وقال أستاذ القانون والمدّعي العام السابق بينيت غيرشمان، في تصريحات صحفية، إنّ “المدّعين يكادون لا يستدعون أبداً هدف التحقيق للإدلاء بشهادة أمام هيئة المحلّفين الكبرى إلّا إذا كانوا يعتزمون توجيه اتهام إليه”.
ووفقاً لزميله ريناتو ماريوتي، فإنّه “حتى لو تمّ توجيه اتهام إلى ترامب، الذي يعيش حاليا في بالم بيتش في ولاية فلوريدا، فإنه من المحتمل أن يتوجّه طوعاً إلى المحكمة في مانهاتن”.
لكن روبرت ماكدونالد أستاذ القانون الجنائي والموظف السابق في الخدمة السرية، الوكالة التي تحمي الشخصيات الأمريكية، قال إنّه “من أجل تجنّب الضوضاء، فإنّ ترامب ربما لن يأتي إلى المحكمة (في مانهاتن) من الباب الأمامي، لتفادي الكاميرات ولأسباب أمنية”.
والأحد، دافع عدد من الشخصيات الجمهورية عن ترامب، خصوصاً نائبه السابق مايك بنس الذي كان قد قطع علاقته به منذ العام 2021، والذي يمكن أن يواجهه كمرشّح في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري.