مقالات كبار الكتاب

لواء دكتور سمير فرج يكتب .. التحديات التي تواجه قناة السويس

بقلم لواء دكتور/ سمير فرج

بدعوة كريمة من صديقي ورفيقي اللواء بحري عصام بدوي رئيس جمعية …حضرت ندوة مهمة بعنوان التحديات التي تواجه قناة السويس في ظل الظروف الحالية وذلك بحضور الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس والدكتور عبد العزيز قنصوه رئيس جامعة الإسكندرية والأستاذ خالد أبو بكر المستشار القانوني لهيئة قناة السويس إلى جانب عدد من الوزراء ورجال الأعمال البارزين في مجال النقل البحري بالإسكندرية وكان اختيار موضوع الندوة مهم للغاية في ظل الأوضاع الإقليمية والعالمية التي نعيشها حاليا.

ولقد تشرفت بأن أكون أول المتحدثين في هذه الندوة حيث بدأت حديثي بعرض سريع للتهديدات التي تواجه الأمن القومي المصري من الاتجاهات الاستراتيجية الأربعة ففي الاتجاه الشمالي الشرقي نجد ما يحدث في قطاع غزة من عدوان ودمار وهو ما يمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي المصري أما في الاتجاه الغربي فالوضع في ليبيا ما زال يشكل خطرا كبيرا حيث تنقسم الدولة بين حكومة دبيبه في الغرب ومعه ميليشيات ومرتزقة وحكومة في الشرق بقيادة المشير خليفة حفتر مما يعكس حالة من عدم الاستقرار الدائم والتي تؤثر على حدودنا الغربية.

ثم الاتجاه الاستراتيجي الجنوبي في السودان، والتي تشتعل به الان حرب أهليه، وبها أكبر مجاعة في إفريقيا حاليا، وهذا يؤثر على الأمن القومي المصري، ثم الاتجاه الاستراتيجي الشمالي بالبحر المتوسط، حيث سيبدأ الصراع على الغاز في البحر المتوسط. واخيرا البحر الاحمر واعتراض السفن سواء من القراصنة او من الحوثيين مما يؤدي الي خسارة كبيرة لقناة السويس وبالتالي لمصر.

وسط كل هذه التهديدات، تأتي التهديدات حول قناة السويس، حيث يجيء التهديد الأول بعد الحرب الاقتصادية التي أشعلها الرئيس الامريكي دونالد ترامب، وخصوصا ضد الصين التي أصبحت الآن العدو الأول لأمريكا، حيث إن جميع التوقعات تشير إلى أنه إذا استمرت الصين بنفس معدل التقدم الاقتصادي، فإنها سوف تتفوق على أمريكا عام 2030. ومن هنا، بدأ ترامب حملته الشرسة ضد الصين واقتصادها، وكانت أول هذه الحروب ضد تجمع البريكس، الذي يضم دول الصين وروسيا والبرازيل والصين والسعودية، ومصر، والإمارات، والهند. هذا التجمع يعد أكبر كتلة سكانية حيث تحتوي 44% من اجمالي البترول في العالم وهو الذي سوف يصدر عمله موحدة له سوف تنافس الدولار.

كذلك، تبني الصين مشروع الحزام والطريق، الذي يتكون من جزء بري عبر آسيا، والجزء البحري هو الأساس، ويمر بكل البلاد من الجنوب شرق آسيا، ويعبر قناة السويس إلى أوروبا. لذلك، لضرب هذا المشروع، فإنه يتم ضربه في عنق الزجاجة، وهي قناة السويس، وهذا أول تهديد للقناه.

ويجيء التهديد الثاني بفكره إنشاء قناة بن جوريون، التي تحلم ببنائها إسرائيل لتضرب قناة السويس، والتي تبدأ من ميناء إيلات وتمر في صحراء النقب حتى عسقلان، حيث تذكر الأرقام أنه سيتم بناء هذه القناة خلال خمس سنوات، ويعمل بالمشروع 200 ألف عامل ومهندس، وبتكلفة 16 مليار دولار أمريكي، على أن تكون قناة ذات اتجاهين وبعمق أكبر من قناة السويس حتى تحقق لها المنافسة.

كذلك، تقوم إسرائيل بإنشاء خط سكه حديد من إيلات بعد بناء منطقه لوجيستيه لنقل الحاويات عبر هذا الخط، ليعمل ويصل إلى الميناء الإسرائيلي الجديد على البحر المتوسط، ميناء أشدود.

أما التهديد الثالث، فهو سيناء، والتخوف من ان تحدث أي أعمال عسكريه أو إرهابيه في سيناء مستقبلًا قد تهدد العمل في قناة السويس، مثل ما حدث في حرب السويس عام 56، وحرب 67، عندما تم إغلاق قناة السويس، لذلك تعمل مصر حاليا على حماية وتأمين سيناء حتى لا تكون تهديدًا فيما بعد، بل تكون حصن لقناة السويس.

أما التهديد الرابع، فهو ما يحدث في البحر الأحمر وباب المندب، حيث قام القراصنة بتهديد مدخل مضيق باب المندب في الماضي وتم التصدي لهم من التحالفات العسكرية العالمية. وحاليا، فإن ما يقوم به الحوثيين من الهجوم والتحرش بالسفن التي تمر من مضيق باب المندب إلى قناة السويس، أدى إلى خسارة تصل الي 6 مليار دولار.

ولقد تشكلت المحاولات الأمريكية للتصدي للحوثيين بتشكيل تحالف “حراس الازدهار”، ولقد فشل هذا التحالف عسكريا أمام الحوثيين، مما دعا الولايات المتحدة إلى عقد اتفاق وقف إطلاق النار بين أمريكا والحوثيين دون علم أو استشاره إسرائيل، الأمر الذي أثار إسرائيل.

وجاء التهديد الخامس، عندما أعلن الرئيس الامريكي دونالد ترامب طلبه بإعفاء السفن الأمريكية التجارية والحربية من دفع رسوم عبور قناة السويس. ولقد رفضت مصر ذلك الطلب تماما، لأن قناة السويس ليست قناة بنما التي أنشأتها الولايات المتحدة، أما قناة السويس هي ملك أبنائها المصريين.

ورغم كل هذه التهديدات، فإن قناة السويس الآن تطور نفسها بمشروعات جديده، بحيث لا يصبح دخل عبور القناة هو مصدرها الرئيسي، ولكن هناك الترسانة البحرية في بورسعيد والإسماعيلية والسويس، التي تعمل بكل كفاءه لتصنيع السفن والزوارق واللنشات والسفن ذات الكفاءة العالمية. كذلك، تصنع اليخوت وتقدم خدمات إصلاح السفن، وتسهيل نقل افراد السفن، وتقديم الخدمات الطبية لكل السفن العابرة.

وعموما، فإنه رغم التحدي الكبير الذي يواجه قناة السويس، فإنها ماضيه في التطورات والتوسعات، وما زالت تقدم أكبر دخل بالعملة الصعبة للخزانة المصرية، لصالح المواطن والشعب المصر.
[email protected]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى