ما هي أنواع الزنا؟
كتب جودة عبد الصادق إبراهيم
يُقسّم الزّنا إلى نوعين؛ الحقيقيّ – المجازيّ، وفيما يلي تفاصيل لِكُلّ واحدٍ منها
إنّ للزنا أضراراً كبيرة، سواء على الفرد أم على المجتمع، فهو سببٌ لغضب الله على فاعله، وعدم إجابة دعائه، وضياع إيمانه، كما أنّه سبب للفساد في الأرض، وضياع الأنساب.
الزنا الحقيقي
يُعرّف الزّنا في اللُّغة: بأنّهُ وَطء الرجل لامرأةٍ من غير عقدٍ شرعيّ، أو هو مُباشرة المرأة الأجنبيّة، أو الفُجور. وفي الاصطلاح: هو وطء الرّجل المرأة في القُبل أو الدّبر من غير المِلك أو بشُبهةِ المِلك؛ أي بغير نكاح صحيح، وقد أجمع العُلماءُ على حُرمتهِ وأنّهُ من الكبائر، وقد ثبت ذلك في الكتاب والسّنة، أما في الكتاب فقد قال الله -سبحانه وتعالى-: (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا).
وأمّا في السّنة ففي جواب النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- للرّجُل الذي سألهُ عن أعظم الذُّنوب، فقال له -عليه الصّلاة والسّلام-: (أنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا، وهو خَلَقَكَ، قُلتُ: إنَّ ذلكَ لَعَظِيمٌ، قُلتُ: ثُمَّ أيُّ؟ قالَ: ثُمَّ أنْ تَقْتُلَ ولَدَكَ تَخَافُ أنْ يَطْعَمَ معكَ، قُلتُ: ثُمَّ أيُّ؟ قالَ: ثُمَّ أنْ تُزَانِيَ بحَلِيلَةِ جَارِكَ)، وما كان ذلك إلا لما يترتب على فعل الزّنا من آثارٍ سلبيّة وسيّئةٍ على الفرد وعلى المُجتمع من تدميرٍ للأُسر، واختلاطٍ للأنساب.
الزنا المجازي
جاء ذكرُ بعضُ أنواع الزّنا المجازيّ في حديث النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- الذي يقولُ فيه: (إنَّ اللَّهَ كَتَبَ علَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذلكَ لا مَحَالَةَ، فَزِنَا العَيْنَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ النُّطْقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذلكَ، أَوْ يُكَذِّبُهُ)،
وفيما يأتي ذكر أنواع الزّنا المجازيّ:
زنا العين: ويكون زنا العين بالنّظر إلى الحرام، ويدخُل في ذلك أيضا مُشاهدة الإنسان للمواقع الإباحيّةِ المُحرمة.
زنا الأُذن: ويكون زنا الأذن بالاستماع إلى الحرام وكل ما يدعو إلى الفجور والرّذيلة.
زنا اللّسان: ويكون زنا اللّسان بالكلام بين الرّجل والمرأة الأجنبيّة في الحرام أو الزنا، سواءً كان ذلك مُباشرةً أو عن طريق الهاتف أو الانترنت.
زنا اليد: ويكون زنا اليد في البطش والضرب، أو مسّ المرأة الأجنبيّة بشهوة.
زنا الرِّجل: ويكون زنا الرّجل بالمشي إلى الحرام أو الزّنا.
زنا القلب: ويكون زنا القلب من خلال تمني الزّنا واشتهاؤه، أو تفكير الرّجل في مفاتن المرأة، وكذلك تفكير المرأة في مفاتن الرَّجُل.
يتلخّص مما سبق أنّ الزّنا نوعان؛ أوّلهما الزنا الحقيقي، وهو من أكبر الكبائر والذنوب، ويكون بوطء الرجل لامرأةٍ لا تحلّ له وليست زوجته، أما الثاني فهو الزنا المجازي؛ كزنا اللسان، وزنا العين، وزنا اليد، وغير ذلك، بحيث يكون باستخدام هذه النعم في المحرّمات؛ كالنظر للحرام، وضرب الناس، والمشي إلى الزنا، وغير ذلك
.
ما هو أشد أنواع الزنا؟
إنّ الزّنا كلّه محرّم، وأعظمهُ حرمةً الزّنا الحقيقيّ الذي يكون مع المحارم، أو مع المرأة المُتزوّجة، أو مع الجارة لمن كانت له جارة، والزّنا مع المتزوجة والجارة أعظم من الزّنا مع من لا زوج لها أو مع الأجنبية؛ وذلك لأنّ فيه انتهاكً لِحُرمة الزّوجيّة، ولِحُرمة الجِوار، فإنْ كان الإنسانُ غائباً عن بيته خارجاً في طاعة الله -سبحانه وتعالى- كالحجّ، أو الجهاد، أو العمرة؛ فإنّ الحرمة حينها تتضاعف أكثر.
فالزّنا يتضاعف إثمه ويَعظمُ جرمه بعِظَم الحقّ الذي انتهكه الزّاني حين زنا، فمن زنا بذات الزّوج فقد ارتكب حراماً كبيراً، وإن كانت متزوّجة وهي جارته فحينها يكون إثمه أكبر ويتضاعف عقابه، وإن كانت جارةً له وهي من أقربائه فيكون ذلك أشد، وإن كانت من محارمه كالعمّة والخالة فيكون ذلك أشدّ في الحُرمة، وإن كان الزّاني مُتزوجاً، أو شيخاً كبيراً، أو كان الزّنا في شهرٍ مُحرّم، أو بلدٍ حرام، أو وقتٍ حرام، فهذا يُضاعفُ من الحرمة في الزّنا.
يتلخّص مما سبق أنّ الزنا كلّه محرّم، وأعظم الزنا حرمة هو الذي يكون مع المحارم، أو مع المتزوّجة، أو زوجة الجار، أو إذا كان في وقتٍ وبلدٍ محرّم.
الآثار المترتبة على ارتكاب الزنا
توجد الكثير من الآثار المُترتبة على ارتكاب الزّنا في الدُّنيا والآخرة، وفيما يأتي بيان عدد منها:
الزنا يمنع إجابة الدُّعاء: وذلك لقول النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث الشريف: (تُفتَحُ أبوابُ السماءِ نصفُ الليلِ، فينادي مُنادٍ: هل من داعٍ فيُستجابُ له؟ هل من سائلٍ فيُعطَى؟ هل من مكروبٍ فيُفرَّجُ عنه؟ فلا يبقى مسلمٌ يدعو بدعوةٍ إلا استجاب اللهُ له، إلا زانيةً تسعى بفَرْجِها، أو عَشَّارًا).
الزنا سببٌ من أسباب فعل المعاصي الكثيرة الأخرى، أو قد يجرُّ إليها.
الزنا ينزع الإيمان من قلب الزّاني، وذلك لِقول النّبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-: (مَن زَنَى أو شَرِبَ الخَمْرَ، نَزَعَ اللهُ منه الإيمانَ، كما يَخْلَعُ الإنسانُ القميصَ من رأسِه).
يُعدّ الزّنا سببٌ من أسباب نزول العذاب، للحديث: (لاتَزَالُ أُمَّتي بِخَيْرٍ ما لمْ يَفْشُ فيهِمْ ولَدُ الزِّنا ، فإذا فَشَا فيهِمْ ولَدُ الزِّنا ؛ فأوْشكَ أنْ يَعُمَّهُمْ اللهُ بعذابٍ).
الزنا يُنقص الحسنات يوم القيامة، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (حُرْمَةُ نِساءِ المُجاهِدِينَ علَى القاعِدِينَ كَحُرْمَةِ أُمَّهاتِهِمْ، وما مِن رَجُلٍ مِنَ القاعِدِينَ يَخْلُفُ رَجُلًا مِنَ المُجاهِدِينَ في أهْلِهِ فَيَخُونُهُ فيهم، إلَّا وُقِفَ له يَومَ القِيامَةِ، فَيَأْخُذُ مِن عَمَلِهِ ما شاءَ)، وكلّ ذلك دليلٌ على أنّ الزنا من أعظم الكبائر والذُّنوب، وأنّه ثقيلٌ في ميزان السّيئات عند وقت الحِساب.
الزنا سببٌ مباشر في انتشار الأمراض الخطيرة التي تفتك في الأبدان، وتنتقل بالوراثة من الآباء إلى الأبناء.
الزنا يُناقض الصّلاح وحفظ الأنساب والأعراض، وفيه شرٌّ كبير يعود على الإنسان وعلى المجتمع؛ وذلك لِما فيه من الظّلم والمعاصي والأمراض القلبيّة، وضياع أطفال كان من حقّهم أن يعيشوا في أسر طبيعية، بالإضافةِ إلى أنّ النّاس تنفر من الزّاني وتمقته.
الزنا يؤدي إلى فساد البُيوت، وضياع الأُسر والأولاد، وقد يؤدي إلى التّشرد والجريمة والانحراف.
ملخص المقال: تكون كفارة الزّنا بالتوبة إلى الله -تعالى- توبة نصوحة، والإقلاع عن فعل الزّنا وعدم الرجوع إليه، فإن لم يتب الزاني فقد أعدّ الله -عزّ وجل- عقاباً شديداً لمن يفعل هذا الذنب في الدنيا والآخرة، وذلك لعظم جريمة الزّنا وما يترتّب عليها من آثار سلبيّة تعود على الفرد، والأسرة، والمجتمع بأسره.