مجتمع

” إن كيدكن عظيم “

كتب جودة عبد الصادق إبراهيم

يحكى أن إمرأتين دخلتا على القاضي ابن أبي ليلى, وكان قاضياً معروفاً وله شهرته في زمنه.
فقال : القاضي من تبدأ ؟

فقالت إحداهن للأخرى : إبدئي أنتِ

فقالت : أيها القاضي مات أبي وهذه عمتي وأقول لها ياأمي لأنها ربتني وكفلتني حتى كبرت

قال القاضي : وبعد ذلك ؟

قالت : جاء ابن عم لي فخطبني منها فزوجتني إياه ، وكانت عندها بنت فكبرت البنت وعرضت عمتي على زوجي أن تزوجه ابنتها بعد ما رأت بعد ثلاث سنوات من خلق زوجي. وزينت ابنتها لزوجي لكي يراها. فلما رآها أعجبته

قالت العمة : أزوجك إياها على شرط واحد أن تجعل أمر ابنة أخي ( زوجتك الأولى ) إليّ . فوافق زوجي على الشرط
وفي يوم الزفاف جاءتني عمتي وقالت :
إن زوجك قد تزوج إبنتي وجعل أمرك بيدي فأنتي طالق فاصبحت أنا بين ليلة وضحاها مطلقة .

وبعد مدة من الزمن ليست ببعيدة ، جاء زوج عمتي من سفر طويل, فقلت له يازوج عمتي تتزوجني وكان زوج عمتى شاعراً كبيراً.
فوافق زوج عمتي ، وقلت له لكن بشرط أن تجعل أمر عمتي إلي
فوافق زوج عمتي على الشرط فأرسلت لعمتي وقلت لها لقد صرتُ زوجة لزوجك فلان وقد جعل أمرك إليّ وأنتي طالق

وواحدة بواحدة طال عمرك فأصبحت عمتي مطلقة فوقف القاضي عندما سمع الكلام من هول ما حدث !

وقال : يا الله
فقالت له إجلس ؟
إن القصة ما بدأت بعد
فقال : أكملي
قالت : وبعد مدة مات هذا الرجل الشاعر،
فجاءت عمتى تطالب بالميراث من زوجى الذى هو طليقها !

فقلت لها هذا زوجي فما علاقتك أنت بالميراث ؟
وعند انقضاء عدتي بعد موت زوجى جاءت عمتى بابنتها وزوج ابنتها الذى هو زوجي الأول وكان قد طلقنى وتزوج ابنة عمتى ليحكم بيننا في أمر الميراث
فلما رآنى تذكر أيامه الخوالي معى وحن إليّ . فقلت له تعيدنى !
فقال : نعم

قلت له : بشرط أن تجعل أمر زوجتك ابنه عمتي إلي…

فوافق فقلت لابنة عمتي أنت طالق فوضع أبو ليلي القاضي يده على رأسه وقال أين السؤال ؟

فقالت العمة : أليس من الحرام أيها القاضي أن نُطلق أنا وابنتي ثم تأخذ هذه المرأة الزوجين والميراث ؟

فقال ابن أبي ليلي :
والله لا أرى في ذلك حرمة وما الحرام في رجل تزوج مرتين وطلق وأعطى وكالة.
وبعد ذلك ذهب القاضي للمنصور وحكى له القصة فضحك حتى تخبطت قدماه في الأرض
وقال : قاتل الله هذه العجوز من حفر حفرة لأخيه وقع فيها وهذه وقعت في البحر.
? جمع الجواهر – الحُصري

رواية آخري :

تزوج الحجاج بن يوسف الثقفي من امرأة اسمها هند رغما عنها وعن ابيها ،
وذات مرة وبعد مرور سنة على زواجهما جلست هند أمام المرآة تترنم بهذين البيتين
وماهند إلا مهرة عربية … سليلة أفراس تحللها بغل
فإن ولدت مهر فلله درها…. و إن ولدت بغل فقد جاء به البغل …
فسمعها الحجاج فغضب ، فذهب إلى خادمه وقال له اذهب اليها وبلغها أني طلقتها في كلمتين فقط لو زدت ثالثة قطعت لسانك ،وأعطها هذه العشرين ألف دينار ،
فذهب اليها الخادم فقال لها
كنتِ .. فبنتِ !!
كنتِ يعني كنتِ زوجته
فبنتِ يعني أصبحت طليقته
ولكنها كانت أفصح من الخادم فقالت
كنا فما فرحنا … فبنا فما حزنا !!
وقالت خذ هذه العشرين ألف دينار لك بالبشرى التي جئت بها !!
وقيل إنها بعد طلاقها من الحجاج لم يجرؤ أحد على خطبتها
وهي لم تقبل بمن هو أقل من الحجاج ،
فاغرت بعض الشعراء بالمال فامتدحوها
وامتدحوا جمالها عند عبد الملك بن مروان
فأعجب بها وطلب الزواج منها
وأرسل الى عامله على الحجاز ليخَبرها له.. أي يصفها له ، فأرسل له يقول إنها لاعيب فيها ،
فلما خطبها
كتبت له وقالت له ان الإناء قد ولغ فيه الكلب
فارسل لها اغسليه سبعآ احداهما بالتراب
ووافقت وبعثت إليه برسالة اخرى
تقول أوافق بشرط ..
أن لا يسوق بعيرى من مكاني هذا إليك في بغداد إلا الحجاج نفسه !!
فوافق الخليفة ،
و أمر الحجاج بذلك .
فبينما الحجاج يسوق الراحلة إذا بها توقع من يدها ديناراً متعمدة ذلك ،
فقالت للحجاج يا غلام لقد وقع مني درهم فأعطنيه
فأخذه الحجاج فقال لها إنه دينار وليس درهما ً !!
فنظرت إليه وقالت الحمد لله الذي أبدلني بدل الدرهم دينارا..
ففهمها الحجاج و أسرها في نفسه
أي أنها تزوجت خيرا منه ..
وعند وصولهم تاخر الحجاج في الأسطبل والناس يتجهزون للوليمة فأرسل إليه الخليفة ليطلب حضوره
فرد عليه
ربتني أمي على ألا آكل فضلات الرجال !!
ففهم الخليفة و أمر أن تدخل زوجته بأحد القصور ولم يقربها إلا أنه كان يزورها كل يوم بعد صلاة العصر ،
فعلمت هي بسبب عدم دخوله عليها، فاحتالت لذلك وأمرت الجواري أن يخبروها بقدومه لأنها أرسلت إليه أنها بحاجة له في أمر .
فتعمدت قطع عقد اللؤلؤ عند دخوله ورفعت ثوبها لتجمع فيه اللآليء
فلما رآها عبد الملك… أثارته روعتها وحسن جمالها وتندم لعدم دخوله بها لكلمة الحجاج تلك ،
فقالت وهي تنظم حبات اللؤلؤ… سبحان الله
فقال عبد الملك مستفهما لم تسبحين الله ؟!!
فقالت أن هذا اللؤلؤ خلقه الله لزينة الملوك
قال نعم
قالت ولكن شاءت حكمته ألا يستطيع ثقبه إلا الغجر
فقال متهللا نعم والله صدقت وفهم قصدها
وقال قبح الله من لامني فيك ودخل بها من يومه هذا !!
فغلب كيدها كيد الحجاج !!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى