إسلاميات

دار “الإفتاء المصرية” تكشف عن حكم «الطلاق المعلق»

كتب جودة عبد الصادق إبراهيم

كشفت دار الإفتاء المصرية عن حكم الطلاق المعلق على شرط، وهو أن يقول الزوج لزوجته أنتِ طالق إذا خرجت إلى هذا المكان أو إذا فعلت هذا الشىء.

وقالت الإفتاء على موقعها الإلكترونى نصا: “المعمولُ به فى الديار المصرية إفتاءً وقضاءً أنَّ الطلاق المعلَّق لا يقع به طلاق إذا كان بغرض الحمل على فعل شيء أو تركه؛ سواءٌ وقع المعلَّق عليه أم لا، وذلك أخذًا بمذهب جماعة من فقهاء السلف والخلف فى ذلك”.

وأضافت: “فقد جاء فى المادة الثانية من “قانون الأحوال الشخصية” رقم 25 لسنة 1929م ما نصه: لا يقع الطلاق غير المُنَجَّز إذا قُصِدَ به الحملُ على فعل شيء أو تركه لا غير”.

وجاء فى المذكرة الإيضاحية لهذا القانون: “التعليق إن كان غرض المتكلم به التخويف أو الحمل على فعل شيء أو تركه وهو يكره حصول الطلاق ولا وطر له فيه، كان فى معنى اليمين بالطلاق، وإن كان يقصد به حصول الطلاق عند حصول الشرط؛ لأنَّه لا يريد المقام مع زوجته عند حصوله، لم يكن فى معنى اليمين. واليمين فى الطلاق وما فى معناه لاغٍ.. وأخذ فى إلغاء الطلاق المعلق الذى فى معنى اليمين برأى الإمام على، وشريح، وعطاء، والحكم بن عتيبة، وداود وأصحابه، وابن حزم رضى الله عنهم”.

واستطردت: “غرض هذه المادة: هو التفريق بين تعليق الطلاق الذى هو فى معنى اليمين، والتعليق الذى ليس فى معناه، وأنَّ الأول غير واقع والثانى واقع. والفرق بينهما: معنى الحلف فى الأول، حيث يُسَمَّى عند الفقهاء أيضًا “الحلف بالطلاق” و”اليمين بالطلاق”- ومحض التعليق فى الثانى”.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلى فى “المغنى”: “قال القاضى فى “المجرد” يعنى فى تعريف “الحلف بالطلاق”: “هو تعليقه على شرط يُقصَدُ به الحثُّ على الفعل أو المنع منه؛ كقوله: إنْ دخلتِ الدار فأنتِ طالق، وإن لم تدخلى فأنتِ طالق، أو على تصديق خبره؛ مثل قوله: أنت طالق لقد قدم زيد أو لم يقدم.

فأما التعليق على غير ذلك؛ كقوله: أنت طالق إن طلعت الشمس، أو قدم الحاج، أو إن لم يقدم السلطان فهو شرط محض ليس بِحَلِفٍ؛ لأنَّ حقيقة الحلف: القسم، وإنما سُمِّى تعليقُ الطلاق على شرط حلفًا تَجَوُّزًا؛ لمشاركته الحلف فى المعنى المشهور، وهو: الحث أو المنع أو تأكيد الخبر؛ نحو قوله: والله لأفعلن أو لا أفعل، أو لقد فعلت أو لم أفعل، وما لم يوجد فيه هذا المعنى لا يصح تسميته حَلِفًا] اهـ.

فالطلاق المعلَّق على غير وجه اليمين؛ كقوله: “إذا جاء رأس الشهر فأنت طالق” أو “إن أعطيتنى ألفًا فأنت طالق”، والذى على وجه اليمين؛ كقوله: “إن كلمتِ فلانًا فأنت طالق” أو “إن دخلتِ الدار فأنت طالق” وهو الذى يُقصَدُ به الحَثُّ أو المنعُ أو التصديقُ.

واضافت الإفتاء: “فتَحَصَّل مِن هذه النقول: أنَّ صورة التعليق قد تكون على جهة الحلف واليمين، وقد تكون على جهة التعليق المحض الذى لا حلف فيه ولا حثَّ ولا منع ولا تأكيد، وأنَّ القانون عمد إلى النوع الأول فألغاه، وأوقع النوع الثانى الذى فيه التعليق المحض”.

واختتمت الإفتاء: “صيغة الطلاق المعلق على شرط، هى من قسم “الحلف أو اليمين بالطلاق”، فهى غير واقعة أصلًا، ذهبت الزوجة أم لم تذهب، ولا يُقال فيها إن نية الحالف كانت الطلاق إذا ذهبت زوجتُه؛ لأن النية التى يقع بها الطلاق فى الطلاق المعلَّق إنما هى النية المحضة للطلاق التى لا يشوبها منعٌ أو حملٌ على تركٍ، وهذا لا يتحقق إلا فى التعليق المحض الذى لا حلف فيه.

على أنَّ جمهور الفقهاء الذين أوقعوا التعليق بنوعيه: الحلف بالطلاق، ومحض التعليق من غير حلف، يُقَيِّدون وقوع الطلاق المعلق بالحالة التى صدر من أجلها، والسبب الحامل عليه، فلم يوقعوا الطلاق إذا انتهت الحالة التى حصل بسببها تعليق الطلاق اعتبارًا بدلالة الحال على المقال، وأن للقرينة والباعث والسياق أثرًا فى فهم المراد من التعليق، فيما يُعْرَف بـ”يمين الفور” عند الحنفية، أو “بساط اليمين” عند المالكية.

وبناءً على ذلك فالمعمول به إفتاءً وقضاءً أنَّ مثل هذه الصيغة من التعليق بالطلاق هى “حلف أو يمين بالطلاق” لا يقع به طلاق أصلًا؛ ذهبت الزوجة أم لم تذهب، ولا مدخل فيه للسؤال عن النية؛ لوضوح الصيغة فى الدلالة على الغرض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى