مقالات كبار الكتاب

عميد كلية الآثار جامعة القاهرة د “أحمد رجب” يكتب .. استراتيجية جديدة لتطوير التعليم الجامعي والبحث العلمي

نحو نوع جديد من الجامعات هو الجامعات البيئية التى تخدم البيئة والمجتمع واستراتيجية الدولة للتنميه

بقلم دكتور احمد رجب عميد كلية الآثار جامعة القاهرة

لاشك أن التعليم هو القاطرة التي تقود اي بلد في العالم الي التقدم والرقي والجامعات في الدول المتقدمة عليها أن تفرز للمجتمع المحيط خريجيين علي مستوي عالي من الكفاءة في التخصصات الفعلية التي تحتاجها البيئة المحيطة والخطة الاستراتيجية للدولة

أن هناك العديد من التخصصات التي أصبحت عبئا علي الجهاز الإداري للدولة خصوصا النامية لأنها لا تساهم ولو بقدر ضئيل في تنمية الدولة أو زيادة مواردها أو تحقيق خطتها الاستراتيجية والنمو والتطور التي تنشده الدول

كما تلاحظ أيضا أن هناك مناطق أو محافظات مكتظة بتخصص ما وآخري تفتقر إليه

كما تلاحظ أيضا أن هناك صراعا بين الجامعات علي إفراز خريجيين إلا أنهم غير متخصصين تخصصا دقيقا فيما تحتاجه خطط التنمية بالمحيط البيئي لكل محافظة أو كل منطقة سواء في التعليم أو خطط البحث العلمي والمشروعات البحثية الممولة فضلا عن تخصص البعض في تخصصات لاتحتاجها البيئية المحيطة كان يتخصص أحد مثلا في زراعات السواحل المالحة وهو خريج جامعة موجودة في منطقة زراعية أو صحراوية وهكذا من اجل ذلك اقترح هذا النوع الجديد من الجامعات لقد عرفنا الجامعات الحكومية والأهلية والخاصة والإلكترونية إلا أن النوع الذي أقصده هنا في هذا المقال هو الجامعات البيئية فلنعلم اولا ماهو مفهوم الجامعة البيئية

مفهوم الجامعة البيئية
الجامعة البيئية هي جامعة تضم كل التخصصات المتعارف عليها مثل الطب والطب البيطري والهندسة والصيدلة والزراعة والعلوم والآداب والآثار والسياحة والفنادق وغيرها إلا أن محتوي التدريس والموضوعات وكذلك الخطة البحثية لما بعد الدرجة الجامعية الاولي يكون مختلفا حيث أنه في حالة الجامعة البيئية يكون مرتبطا بالبيئة فمثلا كلية طب جامعة الوادي الجديد أو سيناء أو اي منطقة يغلب عليها الطابع الصحراوي تهتم بالعلوم الطبية الصحراوية اي الأمراض التي تنتشر في بيئات الوادي الجديد وسيناء بينما كلية طب في الجيزة أو الفيوم تهتم بالأمراض والأقسام الموجودة في البيئات الزراعية بينما كلية طب القاهرة أو المناطق المكتظة بالسكان تهتم بامراض المدن بينما كليات طب السواحل تهتم بأقسام الأمراض الساحلية أو البحرية …. الخ
وهكذا كلية زراعة الصحراء تهتم بزراعات الصحراء والأراضي الرملية والري من الآبار أو التنقيط والنباتات التي تنمو في المناطق الصحراوية أو التي يمكن زراعتها في هذه البيئة المحيطة وأقسام النخيل ومكافحة أمراضها وزيادة انتاجيتها أو الاعشاب الطبية الصحراوية فلا يمكن أن يدرس شجر الابنوس أو الأرو مثلا او أشجار الكاكاو والجوز والفستق أو زراعات المناطق المتجمدة وهي لاتنمو بمصر ولا بالدول المحيطة
وكلية الطب البيطري تهتم بالحيوانات في البيئة المحيطة مثل الجمال أو الماعز في الصحراء والجاموس والاوز أو البط مثلا في البيئات الزراعية والأسماك في البيئات الساحلية وكليات الهندسة تهتم بكيفية التكيف مع البيئة المحيطة من آلات وادوات ومبيدات وإجراء البحوث التطبيقية بها وليس علي الطالب أن يدرس علوما ليست في بيئته ولايمكن استخدامها مستقبلا أو آلات ليس لها دور في البيئة المحيطة
وحتي العلوم النظرية كلية الآداب مثلا عليها أن تدرس المجتمعات في البيئة المحيطة ومشاكلها ولهجاتها وعاداتها وتقاليدها واحتفالاتها و موسيقاها وتاريخها وحكمها وأمثالها وفلسفتها وشعرها وجغرافيتها … الخ
كليات الآثار تدرس آثار المنطقة فكلية آثار الاقصر تدرس آثار الاقصر وتعطينا خريج متخصص في الآثار بصفة عامة من متاحف وحفاير وفنون ولكنه متخصص دقيق في آثار الاقصر وهكذا كلية اثار الفيوم تتخصص في اثار الفيوم أو مصر الوسطي وكلية آثار اسوان تتخصص في اثار اسوان أو الجنوب

كليات السياحة والفنادق أيضا تخرج لنا مرشدا سياحيا متخصصا في آثار الاقصر وأسوان في الجامعات البيئية في جنوب مصر ومتخصص في آثار الوجه البحري في جامعة الإسكندرية ومتخصص في مصر الوسطي في اثار الفيوم وهكذا ومتخصص في السياحة العلاجية أو السفاري في سيوة مثلا او في السياحة الشاطئية في البحر الاحمر وسيناء أما اقسام الفنادق فلتهتم بالأطعمة بصفة عامة ولكن تركز علي الاكلات المصرية في الصعيد الي جانب الاكلات العالمية الشهيرة في حالة كليات الصعيد وفي مصر الوسطي في حالة كليات مصر الوسطي وفي اكلات الوجه البحري والقاهرة في حالة كليات الوجه البحري والقاهرة وفي الاكلات الساحلية في حالة الكليات الساحلية مع الاهتمام بالاطباق التي يريدها الزايرين والأجانب المتوقع قدومهم الي هذه المناطق سواء من بلادهم أو الاكلات المصرية

أهمية الجامعات البيئية
تكمن أهمية الجامعات البيئية في النقاط التالية
أن يكون الخريج سواء من كاية الطب أو الطب البيطري أو هندسة أو زراعة أو اي تخصص متخصصا في البيئية المحيطة بالجامعة وبالتالي نضمن حسن التوزيع وعدم هجرة الخريج الي محافظة اخري وبالتالي لايتكدس الخريجين مثلا في القاهرة والإسكندرية وتكون هناك مناطقا اخري بها عجز ولايكون هناك مناطق جذب أو مناطق طرد للتخصصات

ثانيا أن تكون التخصصات في الحقل الواحد تكاملية وليست تصارعية فكل خريج سيجد عمله في البيئة المحيطة ويكون له دور في عملية التنمية في بيئته ويكون مطلوبا بها

ثالثا أن تتوافر كوادر مدربة لأزمة لتحقيق الخطة الاستراتيجية مع استبعاد التخصصات غير المتعلقة بالبيئة المحيطة بالجامعة أو غير المطلوبة بعد التخرج او تقليل أعداد المقبولين بها وبالتالي تقل البطالة الحقيقية والمقنعة
رابعا أن يكون للخريجين فرصة عمل واقعية حقيقية ليس فقط داخل البلاد بل خارجها أيضا في البيئات المماثلة
خامسا أن ينصب المحتوي التدريسي علي ماهو مطلوب فعلا ولاتثقل الجداول الدراسية باعباء غير مطلوبة كان يدرس الخريج في كلية الزراعة مثلا الزراعة في المناطق البارده أو الثلوج أو المحاصيل التي لاتنتجها مصر بل التي لاتنتجها محافظته حرصا علي وجوده وخدمته لمحيطه بعد تخرجه ولتترك الدراسات العامة أو الشاملة لجامعات العاصمة مثلا

اي أنها جامعات مرتبطة بالبيئة المحيطة بكل جامعة وبمواجهة احتياجات وتحديات التنمية في محيطها ودراسة متطلبات سوق العمل وربط أقسامها وتفاصيلها بالاحتياجات الفعلية الواقعية وسوق العمل واقتصاديات هذا السوق والعمل علي حل المشكلات التي تعوق عملية التنمية في كل بيئة والعمل علي زيادة الإنتاج والبحث عن الإمكانات المتاحة بكل منطقة وآليات تطويرها وزيادة انتاجياتها وربطها بالسوق المحلي من جهة والأسواق العالمية والاليات العالمية من جهة أخري ولكن في حدود المكون الداخلي لعملية التنمية وليس نقل برامج جاهزة قد تتوافق مع البيئات المحيطة بكل تخصص وقد لا تتوافق وتسخير جميع الأبحاث العلمية في خدمة تنمية المناطق المحيطة خصوصا التنمية المستدامة التي تضمن استمرار هذه الجامعات في تأدية ادوار مؤثرة في بيياتها تنعكس بالايجاب علي عمليات التنمية الحقيقية بكل منطقة في خطة حقيقية وليست ورقية واقعية وليست نرجسية

من اجل ذلك فعملية التنمية لابد لها من أدوات ولابد من حسن توزيع وتدريب وتعليم الخريجين والباحثين ونوعيات الأبحاث والتركيز علي مانحتاجه فعلا وتحتاجه خطط التنمية والمساهمين في هذه التنمية لذا من أجل تنمية مستدامة واقتصاد متطور من أجل تكامل بين الكليات في التخصص الواحد وحرصا علي أن يكون كل خريج ترس في ماكينة التنمية المستدامة والخطة الاستراتيجية للدولة مصر 2030وتواكبا مع ماتبذله الدولة من جهد كبير خصوصا في مجال التعليم والبحث العلمي والتخصص الذي هو قاطرة التطور اقترح إنشاء عدد من الجامعات البيئية المتخصصة كنوع من الجامعات التي تنفرد بها مصر

آليات التنفيذ
من اجل خطة عمل طموحة ولكن واقعية وليست نرجسية أو ورقية اقترح أما انشاء جامعات مستقلة تحت عنوان الجامعات البيئية خاصة لتخصصات المناطق الموجودة بها فقط
واقترح البدء بعدد قليل في الأماكن واضحة للتخصص مثل
جامعة سيناء البيئية
بها كلية طب الأمراض الشائعة بسيناء وكلية زراعة لأنواع المزروعات والمحاصيل بسيناء وكلية طب بيطري للحيوانات التي تربي بسيناء وكلية صيدلة للعقاقير والاعشاب الشائعة بسيناء وكلية علوم تدرس علوم وجولوجيا سيناء وكلية آثار وكلية سياحة تدرس آثار وسياحة سيناء بأنواعها المختلفة وكلية اداب تدرس مجتمع سيناء ولهجاته وعاداته وجغرافيته وتاريخه الخ
جامعة سيوة أو البحر الأحمر البيئية
جامعة الصعيد البيئية
جامعة العاصمة الإدارية البيئية …..وهكذا
أو الجامعات النوعية مثل
الجامعة الصناعية وتضم كل الكليات والتخصصات اللازمة لدعم الصناعات بأنواعها المختلفة
الجامعة الزراعية وتضم كل الكليات التي تخدم الزراعة وملحقاتها والأنشطة المتعلقة بها وتربية الحيوانات والثروة الداجنة الخ
الجامعة الطبية وتضم كل التخصصات الطبية من جراحة وأورام وأشعة وطب الصحراء وطب الزراعات وطب البحار وطب الشواطئ وطب الحروب. والتمريض والعلاج الطبيعي والصيدلة والتخصصات ذات الصلة

الخيار الثاني هو تحويل الجامعات القائمة بالفعل سواء الحكومية أو الأهلية أو الخاصة الي جامعات بيئية مجتمعية وتعزيز الأقسام التي تفرز خريجا صالحا للعمل بالبيئة المحيطة وزيادة أعداد المقبولين بها مع تقليص أعداد المقبولين بالاقسام التي لا تحتاجها خطط التنمية بالبيئة المحيطة أو باستراتيجية التعليم والتطوير والتحديث بالدولة

حمي الله مصر وشعبها وجيشها ورئيسها المحبوب عبد الفتاح السيسي ودائما مصر اولا واخرا وفي القلب وفي العقل نجم ساطع يهتدي بها كل طالب هدي وشمسا مضيئة يهتدي بنورها كل من أراد النجاح والتوفيق
ا د احمد رجب
عميد كلية الآثار جامعة القاهرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى