مقالات كبار الكتاب

أحمد نجم .. يكتب .. السيسي رمز لغصن الزيتون

بقلم أحمد نجم

اختيار الرئيس عبد الفتاح السيسي ومنحه جائزة شجرة الزيتون للسلام من قبل الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط في منتدى الجمعية وقمة رؤساء البرلمانات جاء في الاحتفال بالذكرى الثلاثين لإعلان برشلونة، وتتويجا لمسيرة نضال الرئيس، وتضحياته بعد أن تحمل على عاتقه مسؤوليات خطرة، وتقديرا من 43 دولة أوروبية وعربية علي المتوسط لمصر وقائدها.

في الذكرى الثلاثين لإعلان برشلونة الذي حمل أمل تحقيق السلام المشترك بين دول البحر المتوسط ومواجهة التحديات المشتركة في كافة المجالات، جاء الانعقاد في البرلمان المصري بحضور رؤساء برلمانات الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط الذي تأسس على التعاون الإقليمي لتعزيز السلام والأمن الاقتصادي لدول البحر المتوسط.

قرار منح الرئيس الجائزة نتاج لجهد وتضحيات كثيرة، وتعظيما للدور الإقليمي والدولي الذي قاده السيسي لتحقيق السلام والاستقرار بين دول الجوار، ومكافحة خطر الإرهاب الدولي، مما اعتبره البرلمانيون دورا محوريا في حفظ الاستقرار الإقليمي خاصة فيما يتعلق بجهود الرئيس في وقف العدوان علي قطاع غزة ورعايته لمؤتمر السلام بشرم الشيخ.

أيضا الدور المحوري للرئيس في التواصل بين الشرق و الغرب وجهوده المتواصلة من أجل السلام وإعادة مصر لدورها الطبيعي في دعم وقيادة القرار العربي، وتأكيدها على أن الأمن القومي العربي بل والإفريقي خط أحمر، بالإضافة للتصدي بل قيادة الحرب على الإرهاب الإقليمي والدولي، ومواجهة خطر جماعة الإخوان المسلمين وحلفائها.

وكانت نقطة التحول التي قادها الرئيس بإعادة تصحيح مسار العلاقات مع الدول التي كانت داعمة للإخوان وإعادة بناء العلاقات على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لكل دولة، أثره الكبير على دعم مزيد من الاستقرار في المنطقة.

باستعادة السيسي لقوة الدولة المصرية، انسحب ذلك على استعادة القوة العربية لدول المنطقة، باعتبار مصر قوة لا يستهان بها، تحمل على عاتقها هموم القارة ونموها بالتوازن مع النمو الاقتصادي الداخلي، مع التركيز على الدور الإقليمي المحوري الذي أكسبها احترام دول العالم.

مصر السيسي تبنت إستراتيجية المواجهة من خلال منطق الندية والاحترام المتبادل لشؤون الدول الأخرى مع التركيز على قوة القرار المصري وعدم الانصياع لأي ضغوط خارجية، وربما جاء تأجيل استجابة الرئيس السيسي لدعوة الرئيس الأمريكي ترامب لزيارة أمريكا عقب فوزه بالرئاسة لمناقشة قضية التهجير، بناء على رؤية مصرية واعية لمحاولة أمريكية الضغط على مصر لقبول تهجير سكان غزة لسيناء، وعدم الالتفات للدعم المالي الكبير الذي أعلنته أمريكا مقابل قبول الرئيس الصفقة.

التأجيل المصري غير المعلن للزيارة أكد قوة مصر برفض الظلم الواقع على الفلسطينيين، رؤية الرئيس كانت ثاقبة وواعية من محاولة الصهيوأمريكية العالمية لجذب مصر للدخول في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وبحكمته تجنب السيسي تلك المؤامرات، مؤكدًا قوة الجيش المصري الذي لن يقع فريسة لقرارات غير مدروسة تؤثر على مستقبل الأمة العربية بكاملها.

وكانت الحكمة في تجنب حتى الرد على دعوات بعض الدول العربية التي طرحت في الخفاء شن حرب على إسرائيل، لكن فطنة القرار المصري كانت تعلم أنها لن تنخدع بتلك المؤامرات التي تزج بمصر، ثم يبدأ التخلي عنها وتركها وحيدة في الميدان، بعد أن ذهب عصر القادة الرجال.

بتلك الحكمة الواعية قاد السيسي مرحلة وتحديات خطرة، وواجه أزمات دولية أثرت بشكل مباشر على مراحل النمو الاقتصادي في كثير من الدول؛ لكنه عمل على ألا تؤثر تلك التحديات على محاور النمو والنهضة والمشروعات الكبرى داخليا؛ مما يؤكد قوة الاقتصاد؛ لذا كانت وطنا آمنا لاستضافة ما يقرب من 13 مليون أجنبي يمثلون حوالي أكثر من 60 دولة، فيما قدرت الحكومة حجم التكلفة المباشرة لوجودهم بحوالي 10 مليارات دولار سنويا.

الرئيس عمل على دعم وبناء القدرات العسكرية المصرية لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية وقال قولته الشهيرة «اللي عايز يجرب يقرب» بهدف التأكيد على قوة القرار المصري، وهو ما تجلى في الدور المصري المساند للشرعية، سواء في الحرب على غزة أو الصراعات في ليبيا والسودان واليمن ولبنان وغيرها من أماكن الصراع، بجانب الحكمة في التعامل مع الملف الجديد لسوريا.

في عهد الرئيس استعادت مصر علاقاتها المتوازنة مع الدول الكبرى، وأضافت نوافذ أخرى مع قوى دولية لها شأنها مثل روسيا والصين ودول الاتحاد الأوروبي. وأقامت علاقات متوازنة مع الكوريتين، مع تجنب التدخل في الصراعات الدولية من منطلق الحرص على احترام شرعية قرار كل دولة.

مع بناء القوة الداخلية والاستقرار، أصبح القرار المصري له قوة تأثير في المحافل الدولية، فيما أكد الرئيس أن عهد التبعية قد مضى ولن يعود. وستكون الندية هي الحكم لسياسة مصر الخارجية مع التأكيد على الالتزام والاحترام المتبادل لشؤون كل دولة.

وجاءت زيارات الرئيس لكثير من الدول لفتح أفاق تعاون جديدة للمشاركة والتعاون من خلال الملف الآسيوي والأورومتوسطي ليعكس قناعة بأهمية الدور المصري في دعم المجالات الاقتصادية، بناء على عوامل الأمن والاستقرار الذي تعيشه مصر في عهد الرئيس مما جعلها مركز ثقة لكثير من الدول في جـذب الاستثمارات المشتركة.

لذا جاءت حيثيات منح رؤساء برلمانات الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط شجرة الزيتون للسلام تقديرا لمواقفه الثابتة ورؤيته في دعم الاستقرار الإقليمي و الدولي من خلال رؤية حكيمة واعية تتجاوز حجم الأزمات و تعي المخاطر التي تحاك بمصر.

منح الرئيس شجرة الزيتون للسلام هو رمز ديني له تاريخ، وبخلاف ذكر شجرة الزيتون في القرآن الكريم حيث أقسم الله بها في قوله تعالى «والتين والزيتون». اتخذ الناس طائر الحمام وغصن الزيتون شعارا للسلام، وجاء ذلك تيمنا بما حدث مع النبي نوح، عندما أغرق الله سبحانه وتعالى الكفار وأنجى المؤمنين مع نبينا نوح عليه السلام في السفينة، ثم أرسل سيدنا نوح الحمامة لاستكشاف زوال المياه من الأرض، فعادت وفي منقارها غصن الزيتون و قدماها ملوثتان بالطين، فتيقن نبي الله نوح زوال المياه وكانت هي البشارة وعودة الأمان والسلام. وأصبحت الحمامة التي تحمل غصن الزيتون منذ ذلك الحين رمزا للسلام.

الرئيس عبد الفتاح السيسي هو غصن الزيتون الذي حمله القدر إلينا في أخطر المراحل لينقذ مصر من خطر الإرهاب الإقليمي والدولي المتمثل في جماعات الدم، التي كانت تخطط مع القوى الصهيوأمريكية لجعل مصر مثل جيرانها لا تشفى من الانقسامات والصراعات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى