كتب جودة عبد الصادق إبراهيم
طرحت دار الإفتاء المصرية، تساؤلات عدّة من الجمهور حول الأحكام الشرعية المتعلقة بعدّة المطلقة والمتوفى عنها زوجها، وخصوصًا الحكمة وراء اختلاف المدة بينهما.
وأوضح الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى، أن عدّة المطلقة من زواج عرفي أو رسمي هي ذاتها؛ فإذا كانت المرأة تحيض فعدّتها ثلاث حيضات، وإذا كانت كبيرة في السن أو صغيرة لم تحض، فعدتها 3 أشهر قمرية.
الحكمة من فترة العدة
أوضح الشيخ أن الله عز وجل فرض العدّة على النساء، سواء كنّ مطلقات أو توفي عنهن أزواجهن، لأسباب متعددة.
ومن أبرز هذه الأسباب: امتثال أمر الله، والتأكد من براءة الرحم لضمان عدم اختلاط الأنساب، وإتاحة فرصة للزوجين في حالات الطلاق للمراجعة وإعادة الحياة الزوجية.
كما أن العدّة تُبرز أهمية عقد الزواج، بحيث لا يكون الطلاق إجراءً بسيطًا أشبه باللعب.
لماذا زادت عدّة المتوفى عنها زوجها؟
تساءل العديد عن سبب زيادة عدّة المرأة التي توفي عنها زوجها لتصل إلى أربعة أشهر وعشر ليالٍ، مقارنة بعدّة المطلقة.
وهنا جاءت الإجابة لتوضح أن الفراق في حالة الوفاة أشدّ وأعظم لأنه ليس باختيار أحد الطرفين.
كما أن هذه المدة تضمن التأكد من براءة الرحم من الحمل، خاصة أن الزوج المتوفى لا يمكنه نفي النسب كما يمكن للمطلق أن يفعل ذلك باللّعان.
وأضاف الشيخ أن الحزن والكآبة الناتجين عن وفاة الزوج يحتاجان إلى وقت أطول للتعافي النفسي، خلافًا لحالة الطلاق التي قد تكون أقل وطأة.
وأشار أيضًا إلى أهمية الحفاظ على مشاعر أهل الزوج المتوفى، لأن زواج المرأة سريعًا قد يُثير غضبهم ويُسيء إليها.
عدة المرأة الحامل
أكدت دار الإفتاء أن عدّة المرأة الحامل المتوفى عنها زوجها تنقضي فور وضع الحمل، استنادًا لقوله تعالى: “وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن”. أما المرأة التي توفي عنها زوجها قبل الدخول بها، فعليها العدّة أربعة أشهر وعشرًا، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، مدخولًا بها أم لا، وفقًا لما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية.
بهذه الأحكام يتضح أن التشريع الإسلامي يوازن بين الجوانب النفسية والاجتماعية والشرعية في قضايا العدّة، ليحقق العدالة ويحفظ حقوق جميع الأطراف، ما يعكس حكمة الله في فرضها وتنظيمها.
متى تنتهي عدة المرأة المطلقة؟
تنتهي عدَّة المرأة المطلَّقة بوضع الحمل إن كانت حاملًا، أمَّا إن كانت غير حامل: فإن كانت من ذوات الحيض فإنها تنتهي بمضي ثلاثة قروء، وذلك في حدود مدةٍ لا تقل عن ستين يومًا من تاريخ الطلاق، والقُرْء هو الحيض عند الحنفيَّة، وإن كانت من غير ذوات الحيض فإنها تنقضي بمضي ثلاثة أشهر هجرية عقيب الطلاق.
والأصل في أحكام عدَّة المطلَّقة قوله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: 228]، وقوله تعالى: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: 4].
قال الإمام السَّرَخْسِي في “المبسوط” (6/ 15، ط. دار المعرفة): [وعدَّة الحامل أن تضع حملها ولو وضعت حملها بعد الطلاق بيوم لقوله تعالى: ﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: 4]؛ ولأنَّ وضع الحمل أدلُّ على ما هو المقصود وهو معرفة براءة الرحم من الأقراء، وعدة الآيسة… ثلاثة أشهر بالنص] اهـ.
هذا وقد نصَّ قانون الأحوال الشخصية رقم 1 لسنة 2000م في المادة الثالثة من مواد الإصدار على أنه: [تصدر الأحكام طبقًا لقوانين الأحوال الشخصية والوقف المعمول بها، ويُعمل فيما لم يرد في شأنه نصٌّ في تلك القوانين بأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبي حنيفة، ومع ذلك تصدر الأحكام في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية بين المصريين غير المسلمين المتَّحدي الطائفة والملَّة الذين كانت لهم جهات قضائية مِلِّيَّة منظمة حتى 31 ديسمبر سنة 1955م طبقًا لشريعتهم فيما لا يخالف النظام العام] اهـ.
وجاء في أحكام محكمة النقض ما نصه: [طبقًا للفقه الحنفي؛ فإن أقل مدة لتمام العدة هي ستون يومًا لذات الحيض، وهي المدة التي إن ادعت أنها تمت فإنه يؤخذ بقولها بعد تحليفها اليمين على ذلك] (الطعن رقم 326 لسنة 63ق أحوال شخصية).








