
بقلم ا.د فتحي الشرقاوي
دققوا النظر في الصورة التي تعتلي هذا البوست ،اب وام بلغا من العمر عتيا ،ومع ذلك يرعيان ابنهما الشاب ، مع انه ليس بالمريض ولا بالمعاق ولا من تتطلب حالته كل تلك الرعايه والمتابعة ،انه الاحساس المرير بالوجع الذي ينتاب الأباء والأمهات
الذين لازالوا يربون ابنائهم ،في الوقت الذي كانوا ينتظرون منه مساعدتهم والوقوف معهم ورعايتهم ،بعد تضاول صحتهم وضعف نشاطهم في اوخريات اعمارهم ،معادله مقلوبه بكل المقاييس، أن يظل الأباء والأمهات يربون أبنائهم
وبناتهم وكانهم أطفال صغار مع أنهم شبوا عن الطوق وكبروا واصبحوا شباب وشابات ، أنهم شباب جيل الاعتماد المطلق على والديهم، لم يصل اليهم ولو ذرة صغيرة من الشعور بالاستقلالية والاعتماد على النفس رغم فطامهم كما اسلفنا ودخولهم عالم الراشدين، ليس بسبب إعاقة جسدية أو عقليه للابناء ،فتلك ظروف قهرية تستدعي الإستمرار في احتضنهم ورعايتهم، بحكم قصورهم المرضي المفروض عليهم ولكن حديثنا عن الشاب / الشابة الذي لا يعاني من اي جانب مرضي تقصيري،ومع ذلك يلتقون بوالديهم التصاق الطفل بوالديه ، يتحملون حماقاته الاخلاقيه ،ونزواته السلوكية وبذخه ومتطلبات الماليه ،بل ويطالبهم بالانفاق على زواجه وارتباطه..الخ هنا تظهر معاناة الأباء والأمهات ،هل كُتب عليهم تحمل مسوليه ابنائهم طوال العمر ، أليس بكاف ما بذلاه من جهد وتعب منذ أن كان الابن/ الابنة طفل صغير حتى وصوله لمرحلة الشباب ،قد لا يعرف الكثير كم المجهود الذي يبذله الأب والأم في سبيل تربية ابنائهم وبناتهم
من مشقه وعناء منذ اليوم الاول لميلادهم الى يوم استقلالهم وذهابهم الى بيوتهم كازواج وزوجات…
بل قد تتعدى تضحياتهم الى الوقوف بجانبهم ومساندتهم حتى بعد استقرارهم في بيوتهم مع أبنائهم( الأحفاد)
لن أتحدث عن معاناة تربيتهم فهذا أمر بديهي ..
ليس في حاجه لتدليل أو إيضاح( تربيه/ تعليم/ زواج..الخ ويظل الأب والأم في انتظار جني ثمرة ماقدماه، لا يطلبون المستحيل فكل امنيتهم رؤيتهم سعداء فقط ولكن احيانا لا تأتي الرياح بما تشتهي السفن من بعض الأبناء لكي تتحول سعادة الآباء والأمهات الى كابوس مرعب بسبب هذا الأبن او ذاك وكأن كتب على والديه.. تحمل مسؤلياته طوال العمر
الى حين قدوم لحظه وفاتهم، لان بعض الأبناء لا يرغب في العمل حتى بعد تخرجه مما يرهق والديهم في الإنفاق عليهم كأنهم اطفال قُصروالبعض الاخر منهم قد ينحرف سلوكيا واخلاقيا بعد تخرجه مما يزيد من معاناة والديه وخوفهم عليه وعلى مستقبله، والبعض الاخر يشق عصا الطاعه لهما ويعوقهما مما يعمق جراح والديه ويصيبهم بخيبة الأمل في اخريات أعمارهم.
رسالة إلى هؤلاء الآباء والأمهات المكلومين الموجوعين ،قلبي معكم وربنا يفك كربكم..
أما انت أيها الأبن..فلك رساله أخرى أشد ايلاما
مش مجرد خاطره
ا.د.فتحي الشرقاوي
أستاذ علم النفس
جامعة عين شمس