نزار عبدالقادر صالح يكتب .. حرب السودان ..اختبار للقيم الإنسانية في عالم أصم
كتب نزار عبدالقادر صالح
الخبر الأبرز اليوم في كل وسائل الإعلام العربية والأجنبية، هو دخول الحرب العبثية في السودان عامها الثالث وسط صمت دولي رهيب، وعدم القدرة على التحرك لوقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وللقانون الإنساني الدولي، وعجز عن وقف تدفق الأسلحة والمقاتلين ونزيف الدم وقتل مئات الآلاف من المدنيين أغلبهم من النساء والأطفال، والنزوح واللجوء والتدمير الكامل للمنازل وللبنية التحتية وللخدمات الأساسية، ولنهب البنوك ولمؤسسات القطاع الخاص.
عامين خرج فيهم القطاع الزراعى لموسمين زراعيين، والنتيجة مجاعة وفقر.
في 15 أبريل 2023، اندلعت شرارة الحرب في السودان بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية ومع دخولها عامها الثالث، لم تعد مجرد أزمة داخلية، بل تحولت إلى أكبر مأساة إنسانية يشهدها العالم المعاصر.
منذ ذلك التاريخ، امتدت الحرب إلي 13 ولاية وأصبحت الحياة اليومية في السودان مرادفًا للرعب والفقر والمجاعة، وسط تجاهل دولي وغياب أي إرادة حقيقية لوقف آلة الحرب. أكثر من 30.4 مليون سوداني بحاجة لمساعدات عاجلة، أي ما يعادل 65% من السكان، في زيادة مفجعة بنسبة 23% عن العام الماضي فقط.
الخراب لم يقتصر على الجدران والطرقات، بل طال روح الإنسان وكرامته فآخر الإحصاءات تتحدث عن 26 مليون شخص يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد.
19 مليون طفل خارج أسوار المدارس، وتحول الفصول إلى مخيمات للنازحين. و700 ألف طالب خارج أسوار التعليم العالي
12.7 مليون نازح داخلي، في أكبر موجة نزوح على مستوى العالم.
3.8 مليون عبروا الحدود إلى دول الجوار، فارين من الموت والدمار.
638ألف على حافة المجاعة الكارثية
وفي صمتٍ يثير الألم، تشير تقارير “اليونيسف” إلى أن أكثر من 15 مليون طفل بحاجة لمساعدة إنسانية، وأكثر من 15.6 مليون طفل يواجهون العنف، بما في ذلك سوء المعاملة والاستغلال، والتشريد القسري، وسوء التغذية، والمرض، أكثر من 8 مليون طفل دون سن 5 لن يتمكنوا من الحصول على الخدمات الأساسية والمنقذة للحياة، وأكثر من 3 ملايين طفل معرضون لخطر الأوبئة المميتة بسبب انهيار الأنظمة الصحية ، و3 ملايين طفل مهددون بالأوبئة، و2,776 طفلًا قُتلوا خلال عامي الحرب، بينما تُنهك البقية بين الجوع والنزوح والانتهاكات. ارتفعت نسبة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال بنسبة 1000% أرقام لا تدع مجالاً للتبرير أو التجاهل (اليونسيف).
كما لم ينجُ الاقتصاد من هذا النزيف، فقد فقد السودان 80% من وحداته الإنتاجية، وتدهورت العملة الوطنية بنسبة 400%.
– الناتج المحلي تآكل بنسبة 55% ليصل إلى أقل من 15 مليار دولار.
– بلغت الخسائر الاقتصادية الإجمالية أكثر من 108 مليارات دولار خلال عامين فقط في مختلف القطاعات.
90% من السكان يعيشون تحت خط الفقر، وتوقف 90% من المؤسسات التعليمية والصحية، و70% نسبة الزيادة في معدلات البطالة خاصة وسط الشباب.
الحرب العبثية لم تسلم منها حتى دور العبادة من التدمير والنهب. المتحف القومي، دار الوثائق، المتحف الإثنوغرافي، متحف السلطان علي دينار جميعهم تعرضوا للخراب، في عملية منهجية لمحو ذاكرة السودان وهويته.
وعلى الرغم من صدور 16 قرارًا من مجلس الأمن، وقرارات من مجلس حقوق الإنسان والإتحاد الأفريقي منذ إندلاع الحرب، بقيت الحرب خارج دائرة الاهتمام العالمي. لا آلية لحماية المدنيين، ولا جهود جادة لوقف إطلاق النار وفتح ممرات آمنة لتوصيل المساعدات الإنسانية ، وإحالة الملف للمحكمة الجنائية الدولية إسوة بقضية دارفور في العام 2005، ولا حتى تغطية إعلامية مستمرة بحجم الكارثة. شعب بأكمله يُذبح على الهواء مباشرة، بينما ينشغل العالم بأزمات أخرى.
بعد عامين من الحرب، لم يعد هناك مجال للحياد أو الصمت، ما يحدث في السودان ليس مجرد صراع على السلطة، بل جريمة حرب وجرائم ضد الإنسانية ضد أمة بأكملها. الأرقام لا تكذب، بل تفضح حجم الألم، وتكشف أن الصمت العالمي شريكٌ في هذه الكارثة.
حرب السودان ليست فقط اختبارًا للسودانيين، بل للعالم بأسره، وللقيم الإنسانية التي ندّعي الدفاع عنها.
فإما أن نكون على قدر هذه القيم، أو نعترف بأننا فقدنا إنسانيتنا إلى الأبد.
#لا_للحرب
#السودان_ينزف
#أنقذوا_السودان