وصايا “فرعون موسى” (عليه السلام)
كتب جودة عبد الصادق إبراهيم
زار عالم دين مصر وزار الأهرامات وعند زيارته لمومياء فرعون سمع أحد الزائرين يتكلم مع المومياء فجلس منصت له
فسمعه يقول [ يا فرعون علمتني عشر حكم ]
فجلس الشيخ يستمع بإنصات ..
[ الأولى ] منك تعلمت أن قدر الله نافذ لا محالة، ذبحت آلاف الأطفال كي لا يأتى موسى، وعندما جاء ربيته فى بيتك!
[ الثانية ] منك تعلمت أن القلوب بيد الله لا بيد الناس، فعندما حرمت موسى من قلب أمه رقق الله عليه قلب زوجتك! أردت أن تحرمه أمه فأعطاه الله فوق أمه أماً أخرى!
[ الثالثة ] منك تعلمت أنه ليس بإمكان أحد أن يفسد أحداً،ففى القصر الذى كنت تقول فيه: «أنا ربكم الأعلى» كانت آسيا في الغرفة المجاورة تقول: سبحان ربي الأعلى!
[ الرابعة ] منك تعلمت ان البيوت أسرار،وأن بإمكان إمرأه وزوجها أن يعيشا تحت سقف واحد ويكونا غريبين، فالذى يجمع بين الزّوجين ذات القلب لا ذات السقف!
[ الخامسة ] منك تعلمت أن جيشاً كامل يعجز عن رد مؤمن عن ايمانه،فلا السحرة أرهبهم جيشك،ولا الماشطة اخافها زيتك المغلي!
[ السادسة ] منك تعلمت ان الدم لا يصير ماء، وان أختا صغيره أعادت أخاها إلى أمه حين قالت «هل أدلّكم»؟! وان أخا كان نبيلاً الى الحد الذى لم يتحرج فيه ان يعترف ان أخاه أفصح منه لسانا!
[ السابعة ] منك تعلمت أن العبيد يصنعون جلاديهم بايديهم! وانه لم يكن بإمكانك أن تمتطى ظهور قومك لولا أنهم أناخوا وأركبوك!
[ الثامنة] منك تعلمت ان الله اذا اراد ان ينصر عبدا نصره بعصا لم تكن صالحه من قبل الا ليتكئ عليها، ويهش بها على غنمه، وانه اذا اراد ان يهزم عبدا هزمه وهو فى عقر جيشه!
[ التاسعة ] منك تعلمت ان كل ما فى الأرض اسباب تجرى على الناس ولا تجرى على الله! وان النهر الذى من المفترض ان يغرق الاطفال صار ساعى بريد وحمل اليك طردا فيه طفل كنت تبحث عنه! وان البحر الذى لا يعبر الا بالسفن عبره القوم مشيا على الاقدام بعد ان صار طريقا يبسا!
[ العاشرة ] منك تعلمت ان كل ما فى الارض جند من جنود الله، وانه سبحانه هو من يختار سلاح المعركه، وانك حين جئت بجيشك كان قادرا على ان ياتى لك بجيش مثله، ولكنك اهون على الله من هذا، فقتلك بالماء الذى جعل منه كل شىء حى! سبحان الله الواحد القهار…
وفرعون هو أوّل من عرّف العرفاء على الناس، و كان ممن صحبه من بني إسرائيل رجل يقال له أمري، وهو الذي يقال له بالعبرانية عمرام، وبالعربية عمران بن قاهث بن لاوي، وكان قدم مصر مع يعقوب (عليه السلام) فجعله حرسًا لقصره يتولى حفظه، وعنده مفاتيحه وأغلاقه بالليل، و كان فرعون قد رأى في كهانته و نجومه أنه يجري هلاكه على يد مولود من الإسرائيليين، فمنعهم من المناكحة ثلاث سنين التي رأى أن ذلك المولود يولد فيها.
فأتت امرأة أمري إليه في بعض الليالي بشيء قد أصلحته له فواقعها، فاشتملت منه على هارون، وولدته لثلاث و سبعين من عمره، في سنة سبع و عشرين ومائة لقدوم يعقوب إلى مصر، ثم أتته مرّة أخرى فحملت بموسى لثمانين سنة من عمره، و رأى فرعون في نجومه أنه قد حمل بذلك المولود، فأمر بذبح الذكران من بني إسرائيل، و تقدّم إلى القوابل بذلك، فولد موسى (عليه السلام) في سنة ثلاثين و مائة لقدوم يعقوب إلى مصر، و في سنة أربع و عشرين و أربعمائة لولادة إبراهيم الخليل (عليه السلام)، و لمضيّ ألف و خمسمائة و ست سنين من الطوفان.
وكان من أمره ما قصه اللّه سبحانه من قذف أمّه له في التابوت، فألقاه النيل إلى تحت قصر الملك، و قد أرصدت أمّه أخته على بعد لتنظر من يلتقطه، فجاءت ابنة فرعون إلى البحر مع جواريها فرأته واستخرجته من التابوت فرحمته وقالت:
هذا من العبرانيين من لنا بظئر ترضعه؟ فقالت لها أخته أنا آتيك بها، وجاءت بأمّه فاسترضعتها له ابنة فرعون إلى أن فصل، فأتت به إلى ابنة فرعون و سمته موسى و تبنته، و نشأ عندها، و قيل بل أخذته امرأة فرعون و استرضعت أمّه و منعت فرعون من قتله إلى أن كبر و عظم شأنه فردّ إليه فرعون كثيرا من أمره و جعله من قوّاده.
وصايا موسى العشر
أنا اللّه ربكم واحد لا يكن لكم معبود من دوني، لا تحلف باسم ربك كاذبا، اذكر يوم السبت و احفظه، برّ والديك و أكرمهما، لا تقتل النفس، لا تزن، لا تسرق، لا تشهد بشهادة زور، لا تحسد أخاك فيما رزقه. فصاح القوم وارتعدوا وقالوا لموسى: لا طاقة لنا باستماع هذا الصوت العظيم، كن السفير بيننا وبين ربنا، وجميع ما يأمرنا به سمعنا وأطعنا، فأمرهم بالإنصراف وصعد موسى إلى الجبل في اليوم الثاني عشر، فأقام فيه أربعين يوما، ودفع اللّه إليه اللوحين الجوهر المكتوب عليهما العشر كلمات ونزل في اليوم الثاني و العشرين من شهر تموز، فرأى العجل، فارتفع الكتاب وثقلا على يديه فألقاهما وكسرهما، ثم برد العجل و ذرّاه على الماء وقتل من القوم من استحق القتل.
وصعد إلى الجبل في اليوم الثالث و العشرين من تموز ليشفع في الباقين من القوم، ونزل في اليوم الثاني من أيلول بعد الوعد من اللّه له بتعويضه لوحين آخرين مكتوبا عليهما ما كان في اللوحين الأوّلين، فصعد إلى الجبل و أقام أربعين ليلة أخرى، وذلك من ثالث أيلول إلى اليوم الثاني عشر من تشرين، ثم أمره اللّه بإطلاح القبة وكان طولها ثلاثين ذراعا في عرض عشرة أذرع و ارتفاع عشرة أذرع، ولها سرادق مضروب حواليها مائة ذراع في خمسين ذراعا وارتفاع خمسة أذرع.
فأخذ القوم في إصلاحها وما تزين به من الستور من الذهب و الفضة و الجواهر ستة أشهر الشتاء كله، ولما فرغ منها نصبت في اليوم الأوّل من نيسان في أوّل السنة الثانية، ويقال أنّ موسى (عليه السلام) حارب هنالك العرب، مثل طسم و جديس والعماليق وجرهم وأهل مدين حتى أفناهم جميعا، وأنه وصل إلى جبل فاران، وهو مكة، فلم ينج منهم إلّا من اعتصم بملك اليمن أو انتمى إلى بنى إسماعيل (عليه السلام).
وفي ثلثي الشهر الباقي من هذه السنة ظعن القوم في برّية الطور بعد أن نزلت عليهم التوراة، وجملة شرائعها ستمائة وثلاث عشرة شريعة، وفي آخر الشهر الثالث حرّمت عليهم أرض الشام أن يدخلوها، وحكم اللّه تعالى عليهم أن يتيهوا في البرّية أربعين سنة، لقولهم نخاف أهلها لأنهم جبارون، فأقاموا تسع عشرة سنة في رقيم، وتسع عشرة سنة في أحد، و أربعين موضعا مشروحة في التوراة، وفي اليوم السابع من شهر أيلول من السنة الثانية خسف اللّه بقارون وبأوليائه بدعاء موسى (عليه السلام) عليهم لما كذبوا، وفي شهر نيسان من السنة الأربعين توفيت مريم ابنة عمران أخت موسى (عليه السلام)، ولها مائة و ست و عشرون سنة.