مقالات كبار الكتاب

سطور جريئة .. قصة المدارس الدولية وخطورتها على الأمن القومى

بقلم الكاتب الصحفي رفعت فياض – مدير تحرير أخبار اليوم

ماهى قصة المدارس الدولية فى مصر؟ ولماذا ترفض معظمها تدريس اللغة العربية والتاريخ والدين لطلابها ؟ وماهى التأثيرات السلبية لهذه المدارس على المجتمع المصرى؟

لقد تعددت أسباب تزايد الإقبال على المدارس الدولية ـ والتى بدأت لأول مرة فى مصر عام 2002 بمدرسة كندية ثم تبعتها المدارس الإنجليزية والأمريكية والفرنسية ـ رغم ارتفاع تكاليفها وذلك بسبب تزايد الإقبال على دراسة اللغة الإنجليزية كلغة عالمية: حيث عزز الانفتاح الاقتصادى الذى فرضته العولمة من أهمية اللغة الإنجليزية فى جميع دول العالم، وباتت إجادة هذه اللغة أحد أهم المتطلبات الأساسية لسوق العمل فى ظل انتشار البنوك والفنادق والشركات الأجنبية التى تتطلب عمالة تتقن اللغة الإنجليزية، مما حدا بأولياء الأمور إلى السعى لإكساب أطفالهم هذه اللغة المحورية فى سوق العمل العالمية، بالإضافة إلى ارتفاع جودة التعليم الدولي: تتميز المدارس الدولية بكفاءة المعلمين، ومرونة الإدارة التعليمية، والتطوير التكنولوجى المستمر، واتباع أساليب تربوية حديثة، مع مراعاة الاحتياجات التعليمية والتربوية والترفيهية للطلاب.

بالإضافة إلى إتاحة الفرصة لإكمال التعليم فى الخارج: فضلًا عما تقدمه المدارس الدولية من خدمة تعليمية متميزة، فإنها تعطى شهادة دولية معتمدة تُمكِّن الطالب من العمل وإكمال الدراسة بالخارج، الأمر الذى دفع بعض أولياء الأمور إلى الإقبال على تحويل أبنائهم من مدارس اللغات إلى المدارس الدولية لاستكمال دراستهم فى المرحلة الثانوية الأمر الذى انعكس على ارتفاع الطلب على المدارس المشهورة إقليميًا ودوليًا، وأدى إلى إقدام العديد من رجال الأعمال على إنشاء مدارس دولية جديدة، وتطوير الخدمات التعليمية والترفيهية المقدمة للطلاب لجذب أبناء الطبقات الغنية فى المجتمع.

إلا أن هذه المدارس الدولية أصبحت لها تداعيات مجتمعية خطيرة على المجتمع المصرى وعلى ثقافته وعلى أمنه القومى، وبالرغم من نجاح المدارس الدولية فى تقديم خدمات تعليمية متميزة لطلابها، فإن تأثيراتها المجتمعية لم تقتصر على طلابها فقط، بل امتدت إلى المجتمع ككل، حيث ساهمت فى تعميق التمايز بين الطبقات، وترسيخ العادات والتقاليد الغربية، كما أصبحت أداة للوجاهة الاجتماعية والتفاخر، كما تعتمد هذه المدارس الدولية فى الترويج لنفسها على اتباع التقاليد الغربية، وهو ما ينعكس على سلوك خريجيها داخل المدرسة وخارجها، ومن ثمّ يتكون الطالب وجدانيًا بصورة مختلفة تمامًا عن نظيره فى المدارس الأخرى، وتتضح تلك الفوارق بعد ذلك فى الممارسات المجتمعية.

كما أن تنوع النظم التعليمية ما بين محلى ودولى أدى إلى ضعف التماسك المجتمعي، بالإضافة إلى أن تراجع الاهتمام بتدريس المواد القومية فى بعض المدارس الدولية، من لغة وتاريخ ودين وجغرافيا وتربية وطنية، يؤثر على تشكيل الشخصية المصرية.

كما أن التركيز على الدراسة باللغة الأم للمدرسة الدولية، سواء أكانت الإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية أو غيرها من اللغات، أدى إلى تراجع الاهتمام باللغة العربية، وفى ضوء ذلك سعت العديد من الطبقات الوسطى إلى تعليم أبنائها اللغة الإنجليزية، فانتشرت مراكز تعليم اللغة بكثافة فى مصر.

كما استطاعت المدارس الدولية أن تؤصل للتمايز على صعيدين، الأول: أن المجتمع أصبح إزاء فئتين مختلفتين من حيث المحتوى التعليمى الذى تلقوه، والثقافة التى احتكوا بها داخل وطن واحد، وهو ما انعكس على فكر وسلوك كل فئة. والثاني: أن التفاوت بين خريجى المدارس الدولية والمدارس الأخرى لم يتوقف على المظهر الاجتماعى والمادى والتعليمى فقط، بل امتد ليشمل التفاوت فى نظرة المجتمع للطرفين؛ حيث أعطت المدارس الدولية أولوية لخريجيها فى تولِّى الوظائف على حساب معايير الكفاءة، فى بعض الأحيان.

لذلك كان القرار الجرىء والصائب لوزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف بإلزام هذه المدارس الدولية بتدريس اللغة العربية والدين والتاريخ والدراسات الاجتماعية، وأن تكون كل هذه المواد باستثاء مادة الدين ضمن المجموع الأساسى لشهادات هذه المدارس حفاظًا على هويتنا الثقافية ولغتنا العربية وتدريس تاريخنا لأبنائنا لأن هذا بمثابة أمن قومى للبلاد.

[email protected]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى