تطورات سوق الطاقة.. حكاية 66 مليار دولار استثمارات لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا
تحولات كبيرة تشهدها سوق الطاقة في مصر كشف عنها حجم الصفقات والاتفاقيات التي تم إبرامها خلال اليومين الماضيين سواء على هامش مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي الذي استضافته القاهرة يومي 29 و30 يونيو 2024 بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي وحظي بدعم وحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أو بعيدا عن المؤتمر والتي تجاوزت قيمتها 10 المليارات من الدولارات.
ووقعت الحكومة عددا من الصفقات الضخمة في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، التي بلغت تكلفتها الاستثمارية أكثر من 66 مليار دولار، خلال الـ24 ساعة الماضية (كان من بينها توقيع 4 اتفاقيات أمس الأحد، في مجال إنتاج هيدروجين وأمونيا خضراء، بتكلفة تجاوزت 33 مليار دولار، مع مطورين أوروبيين، وذلك على هامش مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي- بحسب منصة “الطاقة”).
الهيدروجين الأخضر والأمونيا
هذه الاتفاقيات جاءت بعد ساعات قليلة من توقيع الحكومة، 3 اتفاقيات أخرى لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، مساء السبت، على هامش فعاليات وجلسات مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي المشترك.
وتعدّ هذه الاستثمارات الجديدة في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، التي وقّعتها مصر مع عدد من الشركات الأوروبية العملاقة، هي الأكبر من نوعها عالميًا، خلال العام الجاري 2024.
وشهد رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، مساء السبت، توقيع 3 اتفاقيات في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، التي تجاوزت قيمتها الاستثمارية المجتمعة حاجز الـ 31 مليار يورو (33.2 مليار دولار أميركي)،.
وتمكنت مصر من تحقيق سبق عالمي جديد في مجال الطاقة، بتوقيع صفقة فريدة من نوعها، مساء السبت، وذلك من خلال إبرام أول عقد ملزِم لشراء الأمونيا الخضراء، وذلك مع شركتي “سكاتك” و”يارا كلين أمونيا” النرويجيتين، وهي صفقة طويلة الأجل.
يشار إلى أن العقد الجديد من نوعه وقع بين الشركتين النرويجيتين والهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بحضور وزير البترول والثروة المعدنية المهندس طارق الملا، وسفيرة النرويج لدى القاهرة هيلدا كليميتسدال.
من جهته قدّم الدكتور مصطفى مدبولي التهنئة لشركة “سكاتك” على نجاحها في توقيع عقدين مهمين لشراء الأمونيا الخضراء من مصر، إذ إن أحد هذه العقود هو أول عقد ملزم مع شركة “فيرتيجلوب” لشراء الأمونيا الخضراء على مستوى العالم.
وتمتد هذه الاتفاقية طويلة الأمد، لمدة 20 عامًا مع شركة فيرتيجلوب، إذ إن التحالف بدأ بناء المشروع في عام 2021، لتطوير وبناء وتشغيل محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر بقدرة 100 ميجاواط بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
وينتج المشروع حاليا نحو 13 ألف طن من الهيدروجين الأخضر الذي يحول إلى ما يقرب من 70 ألف طن من الأمونيا الخضراء – المنتجة من الطاقة المتجددة- سنويا، بمجموع استثمارات 500 مليون دولار، وذلك من خلال محطتي إنتاج طاقة شمسية وطاقة رياح بقدرة 270 ميجاواط.
وقال المهندس طارق الملا، إن التكلفة الاستثمارية المبدئية للمشروع تقدر بنحو 900 مليون دولار، بطاقة إنتاجية تصل إلى 150 ألف طن من الأمونيا الخضراء سنويا، إذ يهدف المشروع لتوليد طاقات متجددة بقدرة إجمالية تصل إلى 480 ميجاواط.
وحسب دراسة نشرها المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية يناير الماضي، تحت عنوان “مستقبل الطاقة في مصر: الأمونيا الخضراء بين الفرص والتحديات”، فإن مصر تتصدر قائمة الدول العربية في عدد مشروعات تصدير الهيدروجين والأمونيا، بإجمالي حوالي 23 مشروعًا وذلك حتى ديسمبر من العام الماضي.
وصدرت مصر وفقا للدراسة، أول شحنة أمونيا إلى الهند من خلال مصنع لإنتاج الأمونيا الخضراء في منطقة قناة السويس، وذلك في إطار خطة الدولة للاستحواذ على حصة حوالي 8% من السوق العالمية للهيدروجين.
وحسب الدراسة تشكل تلك الخطوة عاملا مهمًا ورئيسيا في جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى تلك الصناعة الواعدة ومجالات الطاقة المتجددة المرتبطة بها. وذلك بالرغم من التحديات الكبيرة في تلك الصناعة، حيث تشكل تكلفة الإنتاج الضخمة العقبة الرئيسية أمام تطوير صناعة الهيدروجين الأخضر، فالتكلفة التي يتطلبها إنتاج الهيدروجين الأخضر لا تزال تحد من تنافسيته في الأسواق العالمية.
وتشير الدراسة إلى أن مصر تستهدف الاستحواذ عن حوالي 8% من السوق العالمية للهيدروجين، والعمل على خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بواقع حوالي 40 مليون طن سنويًا، وذلك بحلول عام 2040، بالإضافة إلى العمل على إتاحة حوالي 100 ألف فرصة عمل، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي بمعدل من حوالي 10 إلى 18 مليار دولار.
وأكدت الدراسة أن القيادة السياسية في مصر تدعم توطين صناعة وإنتاج الهيدروجين الأخضر، وذلك من خلال التوسع في إنتاج الطاقة النظيفة والمتجددة، مستهدفة بذلك الوصول بها إلى نسبة حوالي 42% في مزيج الطاقة بحلول عام 2030، وذلك بهدف توفير الطاقة اللازمة لمشروعات إنتاج الطاقة الخضراء المختلفة.
وشددت الدراسة على أن القدرات المصرية الكبيرة تؤهلها لتصبح مركزًا إقليميًا لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، وفي ظل الحوافز الكبيرة التي تمنحها الدولة للمشروعات الخضراء، في جذب العديد من الاستثمارات الكبيرة.
وأكد رئيس لجنة التعاون الأفريقي بمجلس النواب، الدكتور شريف الجبلي، أن القيادة السياسية تولي اهتماماً خاصاً بجعل مصر محور رئيسياً من محاور الطاقة عالمياً نظراً لموقع مصر الجغرافي المتميز وما لديها من طاقات واعدة في مجال الطاقة المتجددة.
ولفت “الجبلي” إلى أن مصر قبل توقيع هذه الاتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي، سبق وأن أبرمت نحو أكثر من 30 مذكرة تفاهم بتطوير مشروعات لإنتاج الهيدروجين الأخضر حتي مارس 2024، بالإضافة إلى ما تم توقيعه من اتفاقيات شراكه خلال مؤتمر (المناخ) بشرم الشيخ، بينها “تسع اتفاقيات شراكه مع مطورين دوليين بارزين في هذا المجال”.
وأشار “الجبلي” إلى أن مصر تستهدف وفق الاستراتيجية الوطنية الوصول إلى حجم إنتاج يبلغ 5.8 مليون طن عام 2040 متضمناً 3.8 مليون طن مخصصة للتصدير وهو ما يمثل 5% من حجم السوق العالمي لإنتاج الهيدروجين منخفض الكربون.