زيزي غريب تكتب .. “أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ”
كتبت زيزي غريب
قال الله تعالى. يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا ۚ أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ” صدق الله العظيم”.
ممكن تكلم مع بعض في وضع بعض البشر . أو أغلبهم في هذا الزمن فيه ناس بتكذب الكذبة، وتصدقها، وتعيش بيها، ويحلف، ويحاجج بناء عليها، يعني ممكن يكون كاذب عليك، وظالمك، وناهش لحمك نيّ، وإنت ماتعرفش، لكن يحلف لك على حاجات عملها عشانك، باعتبارها كل الصورة، ويتجاهل أي حاجة بتدينه وتفضحه، وتحطه ف مسئوليته الكاملة قدامك. وكإنه طالما إنت مش عارفها فهي ماحصلتش.
هيراوغ، ويقلب مواقف، ويحلف، بمنتهى منتهى الصدق، يقنعك، ويأثر فيك، ويكسب تعاطفك، من فرط اللي يحكيه عن معاناته في سبيلك، وتعبه، إخلاصه، تفانيه، ومحبته، ويطلع من الموقف كسبان.
مثال افتراضي للتوضيح: واحد متجوز ست لطيفة وحمولة وجدعة، العلاقة مريحاه، لكنه له علاقات هامشية بيقضي معاهم شوية وقت لطيف: جنس وانبساط وسهر وغيره. مراته ماتعرفش أي حاجة من ده، ومش شاكة فيه أصلا. في لحظة مثلا تزهق من الحياة، تعاتبه على بعده وإهماله وقلة حنانه، يحس بالخطر، ويحكي بدموع عينه عن عظمتها ومحبته ليها، وتعبه في سبيلهم، وإخلاصه، ووجعه عشانها وبيها، وغيره.
بيحكي بكل صدق، وهي تصدّق، لأنها ماعندهاش ما يكذبه، وهو كمان يصدق، ويعيش، ويتمثل دور الضحية. وممكن عقله يغرق في هذه الصورة المختلقة، ويبدأ يحطها عنوان لشخصيته، ويتعامل بيه بكل ثقة.
نفس هذا الشخص، مش هيقدر يقول ربع هذا الكلام عن محبته وإخلاصه قدام واحدة من اللي بيخرج معاهم، ويهزر، أو بيحاول يستميلهم. أو حتى قدام أصحابه اللي عارفين مغامراته ومحاولاته وحركاته، لأنه ساعتها مش هيقدر ينكر جوانب تانية من الصورة شايفها ف عيونهم، أو عارف إنها بتدور في ضمايرهم.
ده لأنه اتربى إن قيمته = شكله قدام الآخرين. الدنيا من برة تمام؟ يبقى أنا تمام. إذا الصورة اتلخبطت خارجيا، يبقى محتاجين نعالج الجزء المتلخبط، أو نداريه، عشان نرجع في التمام. هذا النموذج، هيشتغل بقدر ما يفرّح مديره بيه، هيبقى حريص إن شكل أوضته ومكتبه يبقى في مستوى يرضي الناظرين، بينما ممكن يخبي التراب والعفن ورا الكنبة، أو تحت الكرسي. ممكن يحبك، ويعاملك كشخص جدير بيه في اللي بينه وبينك، لكن مش هيطلعك للعلن إلا إذا شايف إنك مناسب للصورة اللي ترضي الآخرين.
طب والعمل؟
أولاً تناقش نفسك: هل إنت من هذا النوع؟ هل بتغلط في حق حد، وطالما هو مش عارف تبقى إنت ماغلطتش؟ هل بتبرر أفعالك، وتداري أخطاءك، عشان تنتصر لنفسك وتعفيها من اللوم ومن المسئولية، مع إنك عارف من جواك إنك مقصر أو غلطان؟
طبعا، المسألة مستويات. لكن عموما، إذا إنت كذلك، ابدأ فورا، وانتصر للحق، مش ضروري تفضح نفسك، وتعترف بأخطاءك كاملة لآخرين، لكن ممكن تواجه نفسك بالتقصير، وبالخطأ، وتقبلها كده، وتحاول تعتذر وتعوّض عنه بألطف وأنسب الطرق، وتتعهد إنك ماتكرروش.
لأن حتى ده مردود. لن يعافيك الله من أذى لأن الناس ماحسوش بيه.
لطفك معايا دلوأتي، وضحكتك الصافية، لن تمحو ذنب إنك نهشت لحمي مع أصحابك المقربين، اللي ماعرفهمش ولا عمري هعرفهم. اعترف لنفسك بخطأك، عالجه، اعتذر عنه، عوّضه بالشكل اللي تشوفه كافي بصدق، وخليك جدع، اتحمل المسئولية، لأن المسألة بتتجاوز كونها انتصارات زائفة في مواقف عابرة، إلى تعريص كامل للذات.
ثانياً، نجتهد نربي أولادنا على الصدق، واحترام الضمير، إن قيمتهم في رضاهم عن نفسهم، مش في صورتهم قدام الناس، إنه لا بأس يغلط ويعترف وهو آمن من عقابك وتجريحك، إنه يأدي للآخرين حقوقهم، حتى لو مايعرفوهاش، وحتى لو متوقع إن خطؤه هيهز صورته، أو يحرجه. إن الأمانة كـ قيمة وخلُق، أعلى من قيمة “شكلك قدام الناس”، لأن الجوهر أهم.
الحقوق بتترد كاملة، والله كاملة مكتملة، وحين يسترك الله لا يعني إنه بيعفيك من المسئولية، ماتخدعكش نفسك، كله متشاف، ومكتوب، ومتستّف. “أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ”.