عبد اللطيف المناوي يكتب … الجنون سيد الموقف
كتب عبد اللطيف المناوي
ما من شك أن إسرائيل بخطوة اغتيال نائب رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، صالح العارورى، فى بيروت، تريد توسيع دائرة الصراع أكثر، إذ يبدو أن غايتها من تلك الخطوة إدخال أطراف أخرى فى الحرب من أجل الوصول إلى النقطة التى تتخلص فيها تل أبيب من كل أعدائها، سواء حماس بالحرب المستمرة حتى الآن، وبحركة الاغتيالات فى كل مكان خارج القطاع، أو حزب الله. مسألة التخلص من حماس بسياسة الأرض المحروقة بدأتها فعلًا إسرائيل من بعد السابع من أكتوبر، بهذه الحرب الواسعة على القطاع. أما خطوة اغتيال العارورى فقد أقدمت عليها إسرائيل لنقل الحرب إلى مرحلة أخرى أشمل وأعم.
البعض يتحدث عن محاولة توريط الإدارة الأمريكية فى حرب إقليمية، بهدف التخلص مما يسميه رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو «الخطر الوجودى والاستراتيجى»، الذى يمثله «حزب الله» فى لبنان. وجهة النظر تلك لها ما يفسرها، فمنذ اليوم الأول من الحرب تحاول إسرائيل أن تجر أمريكا إلى أرض الصراع، وظهر ذلك تمامًا فى تصوير بنيامين نتنياهو حجم الهجوم الذى شنته حماس فى لقاءاته الأولى مع جو بايدن، الرئيس الأمريكى، من أن رجال حماس قاموا بذبح الأطفال، وهى المعلومة التى نقلها بايدن إلى الإعلام، واعتذر عنها البيت الأبيض فيما بعد، قائلًا إنه اعتمد على حديث رئيس الوزراء الإسرائيلى للرئيس الأمريكى.
منذ اللحظة الأولى أيضًا، قررت الولايات المتحدة الأمريكية إرسال مساعداتها إلى إسرائيل بشكل واضح، فأرسلت حاملتى الطائرات «جيرالد فورد» و«يو إس إس أيزنهاور» إلى المنطقة، مع بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، فى رسالة دعم لإسرائيل وأيضًا لردع أى دولة أو جهة غير حكومية تسعى إلى تصعيد الحرب، وفق تصريحات وزير الدفاع الأمريكى لويد أوستن، كما قررت إرسال إمدادات وأسلحة، إلى الحد الذى أغضب الكثير من السياسيين الأمريكيين، وهو ما جعل الإدارة الأمريكية تستجيب لبعض الضغوط وتسحب إحدى حاملات الطائرات من «المتوسط».
وأعتقد أن وقت عملية اغتيال العارورى كان دالًّا جدًّا لاستفزاز حزب الله، ومن ثَمَّ جعله يشتبك مع إسرائيل بشكل أكبر، كون العملية ارتُكبت فى داخل الأراضى اللبنانية، وهو ما سيحفز أمريكا للدخول مرة أخرى فى دائرة الصراع مع إيران الداعم الأهم لحزب الله.
تدرك إسرائيل جيدًا أن القوات الأمريكية المتواجدة فى المنطقة تعمل باستمرار على تقييد قدرات حزب الله، باعتباره الحليف الأهم لطهران فى المنطقة، وهذا ما تريد إسرائيل استغلاله، إلا أن بعض التقارير الصحفية التى نُشرت فى الأيام السابقة عن عملية اغتيال العارورى تؤكد أن بايدن حض رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو على التراجع عن ضربة استباقية ضد «حزب الله»، وهو أمر ولا شك أغضب نتنياهو، الذى ربما يكون مخرجه الوحيد من هذه الحرب هو الوصول إلى نقطة «زيرو تهديد»، وأظن أنه بأفعاله تلك لن يصل إليها، بل سوف يستمر فى تأجيج الصراع أكثر، والوصول إلى نقطة فلتان الأوضاع.
بواسطة عبد اللطيف المناوي .. نشر في المصري اليوم