رمضان البيه يكتب .. عبدي كنت لك من قبل ان تكن
بقلم الكاتب الأسلامي رمضان البيه
من مخاطبات حضرة الربوبية للعبد بلسان الحضرة: عبدي كنت لك من قبل أن تكن فكن لي بعدما كنت أكن لك على الدوام. عبدي: أوجدتك من العدم ولم تك شيئا. وسويتك بيدي إكراما مني وتكريما لك فلم أبدأ خلقك بالكلمة.
بكلمة كن التي أوجدت بها كل شئ.. ونفخت فيك من روحي وخلقتك في أحسن تقويم وأسجدت لك ملائكتي وعلمتك الأسماء كلها وجعلتك متفوقا على ملائكتي ومنحتك نعمة العقل والعلم والبيان..
وخلقت منك حواء أمتي وجعلتها موضع الأنس لك وفضلتك على كثير ممن خلقت تفضيلا وسخرت لك ما في سمواتي وأرضي. وجعلتك خليفة لي وهديتك بكتبي ورسلي وجعلتك خليفة لي في أرضي لتعمرها وتثري الحياة عليها وهيئت لك كل أسباب ذلك.. ولتنشر رحمتي بين خلقي وتقيم عدلي..
عبدي: تغفل عني ولا أغفل عنك.. تنساني ولا أنساك.. تخالف أمري ولا أقنطك من رحمتي.. خيري إليك نازل وشرك إلي صاعد.. أبسط إليك يدي بالنهار لأتوب عليك مما أقترفته بالليل من الذنوب والمعاصي. وأبسط يدي لك بالليل لأتوب عليك مما أقترفته من السيئات بالنهار..
عبدي: أنا أرأف بك وأحن وأعطف وألطف وأشفق عليك من أمك التي تكونت في أحشاءها.. عبدي.. أنزلت عليك كتبي وأرسلت إليك أنبيائي ورسلي وفرضت عليك فرائض ليستقيم أمرك وليصلح حالك ولتنعم وتسعد في الدنيا والآخرة وأنا الغني عنك وعن عبادتك وعن العالمين..
عبدي: أنت الضعيف وأنا القوي.. وأنت الفقير وأنا الغني.. وأنا العليم وأنت الجهول.. وأنا الباقي وأنت الفاني. طاعتك لا تزيد شيئا في ملكي ومعصيتك لن تضرني فأنا الذي لا تنفعه طاعة ولا تضره معصية.. عبدي: أنا اقرب إليك منك ومن حبل وريدك وأنا الذي لا يفارق..
عبدي: ستفارق كل أهلك وأحبابك ودنياك وتعود إلي محمولا ضعيفا لا حول لك ولا قوة فكن لي عبدا محبا مطيعا أتلقاك بكرمي وجودي وفضلي ورحمتي وإحساني وأقيمك بجواري وأسكنك جناني وألبسك من حلل جناني وأزينك بزينتي وأسكنك قصوري وأزوجك من حوري وآنسك بأنسي وأقيمك في كرامتي في دار خلد مخلدة لا موت فيها ولا فناء وفي نعيم دائم.
لا ضعف ولا إحتياج ولا عوز ولا سقم ولا مرض ولا عجز وشيب وهرم.. ولا كلل ولا سأم ولا ملل ولا ألم ولا حزن ولا خوف ولا جوع ولا ظمأ ولا هم ولا غم ولا كرب ولا قلك..
عبدي: بيد قدرتي سويت لك جناني وخلقتها وأبدعت فيها فجعلت فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.. إن عملت لها فهو خير وإن قصدتني بإخلاص وصدق محبة وتنزهت نفسك عن التطلع إلى جناني حبا في وأثرت محبتي على فضلي ونعمتي وشغلت بذكري وطلبي وصح منك القصد لي كنت لك حبيبا ومنك قريبا..
أجلسك على بساط أنسي وأظلك بظل عرشي وأقربك مني وأوصلك بوصلي.. وأجعلك تنظر إلي وأنظر إليك.. أنعم قلبك وروحك بمؤانستي وعينك وبصيرتك بمشاهدتي فأغيبك عنك وأحضرك بي فتقام في سعادة لا وصف ولا كيف لها وكفى أن أنظر إليك بعين الرضا وأن اقيمك في أنسي وقربي.. عبدي: أطع أمري فما أمرتك إلا لك..
وخالف هوى نفسك وأجمح شهواتك بلجام الخوف والحياء والخشية مني وأحذر فتن الدنيا وزينتها فهي بالية فانية غرارة كذوبة. تمني وتحلي وتغر وتغوي لأنها دار الفتن والإبتلاء وهي في حقيقتها عجوز شمطاء لا خير فيها. وهي مطمع الحمقى وغنيمة الجهلاء.. تعيش على ظهرها اليوم وتدفن في بطنها غدا..
تسرك اليوم وتحزنك غدا فهي المتقلبة الخداعة.. دوام الحال فيها من المحال.. لا يجتمع حبي وحبها في قلب واحد وباب السلامة منها الزهد فيها ولا تطع شيطانك فهو عدوك اللدود وهو حاقد عليك وحسوء يود هلاكك.
وقد توعدك وأقسم بذلك وكم حذرتك منه وأعلمتك بحبائله وكيده ومداخله وأدواته فإستعذ بي منه أعيذك وأخلص في طلبي وعبادتي وقصدك أكفيك شره بحولي وقوتي.. عبدي: كنت لك من قبل أن تكن فكن لي بعدما كنت أكن لك على الدوام..