عاجل

وفاة وزير الخارجية الأمريكي الأسبق “هنري كيسنجر” أشهر وزير خارجية أمريكي عن 100 عام

كتب جودة عبد الصادق إبراهيم

توفي وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر عن عمر يناهز الـ100 عام، وفق ما أعلنت وكالة الأنباء الفرنسية.

ولد كيسنجر يوم 27 مايو 1923 في مدينة فورت بألمانيا لأسرة يهودية هاجرت عام 1938 إلى الولايات المتحدة، حيث خدم خلال فترة الحرب العالمية الثانية (1939-1945) في الجيش الأمريكي، ونال عام 1943 الجنسية الأمريكية.

 شغل منصب مستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي في الفترة من 1969 إلى 1973، كما شغل في الفترة 1973-1977 منصب وزير الخارجية لدى كل من الرئيسين نيكسون وفورد.

 أطلق كيسنجر عجلة التقارب بين واشنطن وكلّ من موسكو وبكين في سبعينيات القرن الماضي وقد حاز في 1973، تقديرَا لجهوده السلمية خلال حرب فيتنام، جائزة نوبل للسلام مناصفة مع الفيتنامي لي دوك ثو.

 كما عرف كيسنجر بدوره المؤثر على صعيد الصراع العربي الإسرائيلي، من خلال جولاته المكوكية في المنطقة في أعقاب حرب أكتوبر 1973، في إطار سياسته المعروفة بسياسة “الخطوة خطوة”.

ظلّ كيسنجر حتى وفاته فاعلاً على الساحة السياسية الدولية ولم يثنه تقدّمه في السنّ عن السفر ولقاء العديد من قادة العالم، وكان آخرهم الرئيس الصيني “شي جينبينغ” الذي التقاه في يوليو الفائت في الصين.

رحل هنري كيسنجر، أستاذ جامعة هارفارد، الذي أصبح الدبلوماسي الأميركي الأكثر براعة في إدارة ملفات دولية حساسة كالحرب الباردة وحرب فيتنام، والسلام بين مصر وإسرائيل.

بصفته كبير مساعدي الرئيس، ريتشارد نيكسون، في السياسة الخارجية، تفاوض كيسنجر على خروج الولايات المتحدة من حرب فيتنام الكارثية، ليفوز بجائزة نوبل للسلام.

كما أنه كان العقل المدبر لسياسة الانفراج التي أدت إلى ذوبان الجليد في الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي، وساعد في تحطيم السور الدبلوماسي العظيم، الذي كان يحيط بالصين الشيوعية لمدة عقدين ونصف من الزمن.

كما أن نجم كيسنجر سطع بعد حرب عام 1973 بين مصر وإسرائيل، ليكون رجل السلام الذي أفضت جهودة إلى توقيع معادة بين البلدين المتجاورين.

البدايات
قبل 100 عام، رُزقت أسرة يهودية في ألمانيا بطفل، وبمجرد بلوغه سن الـ 15 وتحديدا عام 1938، هربت الأسرة بالكامل إلى الولايات المتحدة، خوفا من الممارسات النازية، ليبدأ المراهق فصلا جديدا في حياته، وصار واحدا من أهم الدبلوماسيين في الولايات المتحدة.

هنري ألفريد كيسنجر بات مواطنا أميركيا بعد خمس سنوات من وصوله إلى الولايات المتحدة، وكانت حياته مادة خصبة للمؤرخين والدارسين، ونال إشادات توجت بجائزة نوبل للسلام عام 1973 بسبب جهوده لوقف إطلاق النار في فيتنام، لكن هناك من يعتبرونه مسؤولا عن إزهاق مئات الآلاف من الأرواح.

الرجل المولود في ألمانيا يوم 27 مايو 1923، باتت كتبه وسياسته مرجعا للدبلوماسيين في الولايات المتحدة، وترك أثره في أغلب من شغلوا مناصب رسمية في الخارجية الأميركية لسنوات طويلة، سواء بتدريسه في جامعة هارفارد أو عبر أفكاره وسياساته المتجذرة إلى الآن.

خدم كيسنجر في الجيش الأميركي والتحق بجامعة هارفارد، ودرّس هناك، ثم تولى منصب مستشار الحكومة الأميركية للسياسة الخارجية، وفي عام 1969، عيّنه الرئيس نيكسون مستشارا للأمن القومي، ليخطط حينها لزيارتين لا مثيل لهما إلى الصين والاتحاد السوفيتي عام 1972.

حاولت واشنطن بالزيارتين نزع فتيل التوترات مع الدولتين الشيوعتين. وفي العام التالي، بات كيسنجر أول أميركي وُلد خارج الولايات المتحدة، يتولى منصب وزير الخارجية، واستمر في المنصب حتى بعد استقالة نيكسون، وقدوم جيرالد فورد.

أعاد كيسنجر العلاقات مع الصين في السبعينيات بعد زيارة سرية عام 1971 مهدت الطريق لأخرى تاريخية للرئيس نيكسون في العام التالي، وفي حواره مع “سي بي أس”، نفى كيسنجر فكرة أنه كان من الأفضل ألا تتم تلك الخطوة وقال “لا يمكن استبعاد الصين من النظام العالمي”.

لعب كيسنجر دورا كبيرا أيضا في اتفاق الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي على إبطاء سباق التسلح النووي والحد من النزاعات وتجنب اندلاع حرب نووية، كما تمكنت واشنطن بسياساته من اتخاذ قرار الخروج من فيتنام التي تكبدت فيها خسائر فادحة، في صراع غير مباشر مع موسكو آنذاك.

القوة الأميركية
استخدم كيسنجر في سياساته قوة الولايات المتحدة وقدرتها على إحداث ما يعتبره توازنا، وتجاوز عن أمور أخرى مثل حقوق الإنسان والمثالية في التعامل مع الأزمات، ما جعل البعض يعتبره مسؤولا عن قائع مثل قصف كمبوديا ودعم أنظمة استبدادية مما أسفر عبر سنوات عن سقوط الآلاف من القتلى.

وبالفعل فقد واجه انتقادات قوية من اليسار التقدمي في الولايات المتحدة، وعلى رأسه بيرني ساندرز.

وكان ساندرز قد انتقد بشدة فخر وزير الخارجية الأميركية السابقة، هيلاري كلينتون، بعلاقتها المقربة مع كيسنجر، وقال إن الأخير “من بين أكثر وزراء الخارجية تدميرا في التاريخ الحديث في هذه الدولة”.

وتابع “فخور لأن هنري كيسنجر ليس صديقي. لن أحصل على نصيحة منه”، مشيرا إلى تورطه في قصف كمبوديا، الذي يعتبره البعض بمثابة “إبادة جماعية”.

وتعد هيلاري كلينتون من أبرز المقربين من كيسنجر، وطالما أكدت على تواصلها معه بشكل مستمر خلال توليها منصب وزيرة الخارجية، وأنه كان يزودها بملاحظات بشأن زعماء وقادة العالم.

وقالت كلينتون إبان ترشحها للانتخابات التي خسرتها ضد الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، عام 2016، إنها كانت في غاية السعادة حينما أبلغها كيسنجر أنها “أفضل وزيرة خارجية” شغلت المنصب منذ سنوات طويلة.

السلام بين مصر وإسرائيل
يعتبر كيسنجر مهندس عملية السلام بين مصر وإسرائيل، التي أنهت الحرب بينهما، وكانت أول إسكات نهائي لجبهة عربية تحارب إسرائيل، وساهم في تحوّل مصر بشكل تام من الأحضان السوفيتية إلى الجانب الأميركي، وذلك باتصالاته الواسعة مع الرئيس المصري الراحل، محمد أنور السادات.

ظل كيسنجر طوال حياته المهنية يكتب ويحاضر في الشؤون الخارجية، وعلى الرغم من أنه لم يتولَ أي منصب حكومي منذ نحو 25 عاما، فإنه استمر في إثارة الجدل بكلماته، وآخرها حديثه بشأن أزمة أوكرانيا، وضرورة منحها أراضي لروسيا من أجل وقف الحرب، قبل أن يتراجع عن حديثه.

متمسك بمواقفه
أجرى كسينجر مؤخرا حوارا مع شبكة “سي بي أس” الأميركية، وحينما سأله المذيع عن رد فعله نحو كثير من التساؤلات من البعض عن “مشروعية” إجراء مثل هذا اللقاء، فرد كيسنجر “يعكس ذلك جهلهم”.

وحينما تطرق إلى قصف كمبوديا إبان حكم الرئيس الأسبق، ريتشارد نيكسون، قال كيسنجر: “لقد قصفنا بالمسيرات وكل أنواع الأسلحة جميع التنظيمات التي نعارضها وتنتهج نظام حرب العصابات”، في إشارة إلى الإدارات الأميركية التي تلته.

وتابع الدبلوماسي المخضرم: “هذا اللقاء الآن يدور حول أنني سأتم 100 سنة. وتختار موضوعا يعود إلى 60 عاما مضت. يجب أن تدرك أنها كانت خطوة ضرورية”.

وظل كيسنجر حتى وفاته فاعلا على الساحة السياسية الدولية، ولم يثنه تقدمه في السن عن السفر ولقاء العديد من قادة العالم، وكان آخرهم الرئيس الصيني، شي جينبينغ، الذي التقاه في يوليو الفائت في الصين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى