أحمد نجم يكتب .. في ذكرى وعد بلفور المشؤوم
كتب أحمد نجم
تحل هذه الايام ذكري الوعد الكارثي المعروف تاريخيا بوعد بلفور لليهود بإنشاء وطن قومي لهم علي أرض فلسطين في نوفمبر 1917 ، ليعطي من لا يملك وعدا لمن لا يستحق . ومنذ هذا التاريخ أضيرت العدالة و إنطفأ بريقها وأغمضضت الشرعية الدولية عينيها وغابت القوانين لكي تساعد بريطانيا اليهود في جمع شتاتهم من أوروبا للإقامة علي أرض فلسطين .
وعد بلفور كان تصريح وزير خارجية بريطانيا آنذاك آرثر جيمس بلفور في حكومة ديفيد لويد جورج إلى اللورد روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية العالمية وكان نتاج مفاوضات دامت 3 سنوات بين الحكومة البريطانية واليهود البريطانيين والمنظمة الصهيونية العالمية وتم الإتفاق علي أن يكون اليهود الذراع الطولي لتنفيذ مخططات الأطماع البريطانية في الشرق الأوسط .
بريطانيا كانت تريد التخلص من اليهود الذين انتشروا في أوروبا أثناء حكم الرومان بعد أن قام القائد تيتوس بمطاردة اليهود الذين كانوا يكيدون المكائد و يثيرون الفتن في البلاد وقام بملاحقتهم وجعلهم عبيداً يباعون في روما و من هنا بدأ تواجدهم في أوروبا ..
بعد أن عانت بريطانيا من الفتن التي كانوا يثيرونها كان التفكير في آبعادهم عن أوروبا واقامة وطن لهم في الارجنتين أو أوغندا . غير أنه اثناء الحرب العالمية الأولي التي قادتها بربطانيا ضد الدولة العثمانية قامت بإحتلال فلسطين وتأسس الإنتداب البريطاني على فلسطين عام 1922 بموجب قرار عصبة الأمم في مؤتمر سان ريمو عام 1920 وتم اتخاذ قرار بتنفيذ وعد بلفور السابق إصداره في نوفمبر 1917 أبان الحرب العالمية الأولي بإقامة وطن لليهود علي أرض فلسطين .
حينها دعت مصر لرفض القرار وتم التنسيق بين القوي الوطنية في مصر و مثيلاتها في الدول العربية وجاءت ردود الافعال العربية الفلسطينية لوعد بلفور بعقد أول مؤتمر وطني فلسطيني عام 1919 يرفض الوعد لكونه صدر ممن لا يملك لمن لايستحق و فلسطين جزء لا يتجزأ من الوطن العربي .
قامت بريطانيا بعرض وعد بلفور على الرئيس الأمريكي ولسون و ايده بالإضافة لفرنسا وإيطاليا و اليابان وفي 25 ابريل سنة 1920م، وافق المجلس الأعلى لقوات الحلفاء في مؤتمر “سان ريمو” علي الإنتداب البريطاني على فلسطين، علي أن يوضع وعد بلفور موضع التنفيذ. ..
أرسلت بريطانيا رسالة خادعة للشريف حسين، مع الكولونيل باست تؤكد فيها أنها لن تسمح بالإستيطان اليهودي في فلسطين إلا بما يتفق مع مصلحة السكان العرب من الناحيتين الاقتصادية والسياسية . لكنها بخبث شديد قامت بإستقطاب قوافل من يهود روسيا وأوروبا الشرقية إلى فلسطين ووفرت الحماية والمعيشة اللازمة لهم. و بدأت في دعوة اليهود من كل بلاد العالم للتجمع علي أرض فلسطين وتكونت جماعات صهيونية بدأت تحارب السكان
ليتركوا منازلهم ..
اصدرت بربطانيا مرسوما لإداراتها العسكرية في فلسطين بأن تطيع أوامر اللجنة الصهيونية التي وصلت إلى فلسطين برئاسة حاييم وايزمن و أن تساعد اليهود القادمين بتقديم الدعم اللازم لشراء أراضي وإقامة مبان عليها وتقديم الدعم المالي لكل من يحتاج .علي أن تكون الإقامة في جماعات متقاربة.
خاض الشعب الفلسطيني ثورات للإحتجاج ضد القرارات البريطانية و الحركة الصهيونية بعصابتها المسلحة و خاض ثورات منها ثورة البراق عام 1929م، ثم تلتها ثورة 1936م .وتوالت بعدها الثورات لكن سرعان ما كان الإحتلال يقضي عليها بأسلحته التي افتقدتها القوي الوطنية الفلسطينة.
بريطانيا دعمت بشدة الوجود الصهيوني في فلسطين للتخلص من وجودهم لديها و التقاء المصالح الاستعمارية مع الحركة الصهيونية التي اكدت انها ستكون راعي مصالحها في الشرق الأوسط لقيمة وجود و موقع فلسطين في قارة اسيا .
ايضا رغبة بريطانيا في كسب تأييد يهود العالم لها أثناء الحرب العالمية الأولى، ولتقليل الهجرة اليهودية الي أوروبا ..
بالإضافة لمكافأة الباحث اليهودي حاييم وايزمن مقابل خدماته الني قدمها لبريطانيا باكتشافات علمية خدمت الأنشطة العسكرية البريطانية إبان الحرب العالمية الأولي .
استغلت الحركة الصهيونية وعد بلفور والمساندة البريطانية و الامريكية
و زادت العمليات العسكرية بين الفلسطينيين و الآحتلال وكان للصهاينة بالإتفاق مع الإنتداب البريطاني خطط تسيطر بها على كل منطقة تنسحب منها
و كان العرب لا يملكون السلاح اللازم بسبب عدم بناء قوة عسكرية لديهم أو في فلسطين ، واحتلت الصهيونية مساحات كبيرة من الأراضي الفلسطينية بعد خروج السكان من مدنهم وقراهم بسبب المعارك و المذابح التي حدثت والقصف الصهيوني الذي يماثل ما يحدث الان في غزة .
في 13 مايو 1948 وجه حاييم وايزمان احد اقطاب العصابات الصهيونية التي آحتلت فلسطين رسالة للرئيس الأمريكي هاري ترومان يطلب فيها المساندة و الاعتراف بدولة يهودية في فلسطين و تم الآعلان عن قيام دولة إسرائيل في تل ابيب بتاريخ 14 مايو الساعة الرابعة بعد الظهر، وغادر المندوب السامي البريطاني مقره الرسمي في القدس متوجها إلى بريطانيا،
وفي أول دقائق من 15 مايو 1948 انهى الانتداب البريطاني وجوده في فلسطين ليتم الإعلان عن قيام دولة إسرائيل واعترفت امريكا بها بعد عشر دقائق، وتم ضمها إلي عضوية الأمم المتحدة بمساندة بريطانيا وامريكا لتكون اول دولة تتكون علي أرض محتلة وتنال الشرعية الدولية في غياب متعمد للقوانين الدولية.
وإذا كان وجود الكيان الإسرائيلي قد نال موافقة و إعتراف الدول الكبري بناء علي وعد بلفور فالوعد في الأصل باطل قانونا و ما نشأ عنه . لان فلسطين كانت تحت الإحتلال البريطاني ولا يجب أن يتصرف الاحتلال في الأراضي التي احتلها لكونها لا تقع ضمن الممتلكات البريطانية لتعطيها لمن ترغب وكانت فلسطين حينها تقع ضمن الولاية العثمانية قبل أن تحتلها بريطانيا في الحرب العالمية الاولي .
و مايفعله الإحتلال الإسرائيلي الأن من الإعنداء الغاشم بقوة تدميرية لثورات التحرير و تدمير القوي البشرية و البنية التحية لفلسطين وصفها المراقبون العسكريون بأنها تعادل مايوازي قنبلتين نوويتين في غياب الضمير و القانون الدولي . ليس بجديد فقد فعلتها بريطانيا من قبل حينما كانت تحتل فلسطين و تصدت لحركات التحرير الفسطينية وقتلت ما يقارب من ستة الأف مواطن فلسطيني بالإضافة إلي مايقرب من عشرة الأف مصاب ..
الاحتلال الذي يقيم علي 78 % من جملة الاراضي الفلسطينية يستكثر علي أبناء الوطن الشرعي 22 % من أرضهم ..
يوما ما ستعود فلسطين إن شاء الله