استشارى طب نفسى: الفلسطينيون الأكثر صلابة وأطفالهم الأقوى فى تخطى الاضطرابات
“رغم المعاناة..هم الأقوى والأسرع في الشفاء من اضطرابات ما بعد الصدمة، والأقدر على تخطى الأحدث المأساوية”، بهذه الكلمات بدأ الدكتور أمجد العجرودى استشارى أول الطب النفسى، المجلس الأقليمى للصحة النفسية، واصفا “الفلسطينيين” بأنهم الفئة الأكثر صلابة نفسية، والأكثر سرعة في تخطى أية معاناة يمكن أن يمروا بها، لذلك فعلاجهم لا يستلزم الكثير من الخطوات والجلسات النفسية والسلوكية كباقى المرضى، لأنهم الأكثر “صلابة” وجلدا على الاطلاق، خاصة بعد الأحداث المأساوية التى وقعت البارحة فى مستشفى المعمدانى بغزة.
“المعاناة خلقت منهم رجالا لا يهزمون نفسيا” هذا ما أكد عليه الدكتور أمجد، موضحا أن الكوارث النفسية كفقدان الأهل أو الأبناء ، غالبا ما يعقبها الإصابة باضطرابات نفسية لا حصر لها، أبرزها اضطراب ما بعد الصدمة، ويعانى خلاله الشخص من حالة صدمة شديدة يرغب فيها في تجنب تذكر الأحداث المأساوية التي مر بها، وتجنب الأماكن التي وقعت فيها تلك الحوادث.
إلا أن الوضع مختلف مع “الفلسطنيين” سواء إن كانوا رجالا أو أطفال، فهم ولدوا من رحم المعاناة وكبروا على الصمود، واعتادوا على الصدمات والضغوط، لذا ففي مرحلة العلاج النفسي والسلوكى بعد تعرضهم للكوارث وأهمها فقدان الأهل أو الأبناء، تجدهم الأكثر قدرة على الستشفاء النفسى، لأن قدرتهم على تحمل الضغوط تفوق غيرهم ممن لم يمروا بمثل هذه الأحداث.
وفى اضطراب ما بعد الصدمات، غالبا ما يعانى الشخص من حالة هلع وخوف غير مبررين، وكوابيس واضطرابات نوم كثيرة، إلا أن لـ”الفلسطينيين” رأى آخر، فعند خضوعهم للجلسات النفسية والسلوكية، نجدهم متقبلين لمثل هذه المآسى، وعند الرغبة في تأهيليهم للمستقبل تجنبا للأضطرابات المتوقعة، تجدهم متقبلين كل ما هو آت.
أما عن الأطفال فيؤكد استشارى الطب النفسى أنهم الفئة التي تحتاج لتعزيز الشعور بالأمان، إلا أنهم بالمقارنة مع غيرهم من الأطفال، فهم الأقوى والأسرع في التأقلم مع البيئة المحيطة.
وأكد “العجرودى” على ضرورة أن يتم دعم وتأهيل الحالات التي عانت من فقدان الأبناء أو الاهل من الكبار، فقد يعانون من اضطرابات نفسية عديدة منها اضطرابات ما بعد الصدمة ، ونوبات الفزع والهلع، فضلا عن اضطرابات القلق، والاكتئاب، ومع الضغوط الكارثية التي يتعرض لها الفلسطنيين، فقد يعانى من لديه تاريخ وراثى أو استعداد جينى لأمراض عقلية نتيجة الصدمة، مثل الإصابة بالفصام أو اضطراب الوجدان ، أو اضطراب الضلالات “البارانويا”.
وينصح بضرورة تدخل المختص النفسى الخبير في مثل هذه الحالات، لتقديم دعم نفسى وسلوكى ومعرفى للشخص المتعرض للصدمة، لتحويل تفكيره الى جانب إيجابي، والحد من نظرته التشاؤمية للاحداث، فضلا عن اعطاءه أمل في القادم، وتقليل حدة انكساره وشعوره بالعجز أمام الكارثة، فضلا عن اللجوء في أغلب الحالات للعلاج الدوائى.
أما في الأطفال، فيكون التركيز من قبل المختص النفسى على الشق السلوكى، وتغيير البيئة المحيطة به، ومحاولة تقليل حدة الشعور بـ”انعدام الأمان” في جلسات سلوكية متتالية للحصول على نتيجة جيدة، يتخطى بها مشاهد الصدمة وفقدان الأهل الذى تعرض له.