كرة عالمية
كارلوس تيفيز.. الهروب من ظلام الجريمة إلى أضواء الساحرة المستديرة
“من رحم المعاناة يولد الأبطال” مقولة عاشها النجم الأرجنتينى كارلوس تيفيز، الذى أعلن اعتزاله كرة القدم مؤخرًا، وهو يبلغ من العمر 38 عامًا، ليخسر عالم الساحرة المستديرة أحد أبرز المهاجمين فى القرن الحادى والعشرين.
وتظل قصة تيفيز المأساوية بين القصص الأكثر إلهامًا فى كرة القدم وفى الحياة بشكل عام، البداية عندما كان يبلغ من العمر 10 أشهر، حينما تعرض لحرق من الدرجة الثالثة، كاد ينهى حياته، حيث استمر فى العناية المركزة لمدة شهرين حتى تعافى، لكن الندبة استمرت على وجهه ورقبته نزولًا حتى صدره، وظل محتفظًا بها ترافقه يومًا بعد يوم طوال مسيرته الاحترافية، ورغم تلقيه أكثر من عرض لإزالتها حيث يعتبرها وشمًا خاصًا به، وعلق على هذا الأمر قائلًا: إما أن تتقبلنى كما أنا، وإما لا تتقبلنى نهائيًا.
صاحب الندوب أصبح من أشهر نجوم اللعبة رغم الفقر المدقع وظروفه الاجتماعية الصعبة التى بدأت بهروب والديه اللذين كانا يعملان مع عصابة مخدرات بمدينة بوينس آيرس، إذ ترعرع فى حى “إيرغستو دى لوس أندس” المعروف باسم “فويرتى أباتشى”، لذا أطلق عليه اسم “الأباتشى”.
ويعد هذا الحى من أخطر الأحياء على مستوى قارة أمريكا الجنوبية، حيث تحدد العصابات به من يعيش فى ثكناته وكيف يعيش ومن الصعب الخروج منه، لكن نجى منه، وقال عنه: فى طفولتى، كانت هناك أوقات صعبة، عندما يأتى الظلام تنظر من النافذة فترى مناظر مرعبة، وبعد ساعة معينة لا يمكنك الخروج إلى الشارع، كنت أستطيع أن أبدأ بالمخدرات، ثم ينتهى بى الأمر فى القاع، وعلى الرغم من ذلك، فإننى عشت طفولة لطيفة، تعلمت منها الاحترام والتواضع والتضحية.
يدين تيفيز لسيجوندو رامينودو والده بالتبنى، حيث تبناه فى سن الخامسة، بعدما توفى أباه الذى قتل بالرصاص، وهو ما جعل اللاعب، طوال حياته، يكنّ له احترامًا وحبًا كبيرين بسبب دوره فى مسيرته فيما بعد.
ودفع 40 ألف يورو كفدية بعدما اختطف والده، عندما كان كارلوس لاعبًا فى مانشستر سيتى الإنجليزى، لتظل أجواء حى “فويرتى أباتشى” تلاحقه حتى عندما أصبح نجمًا مشهورًا، كما لاحقته الظروف الصعبة حتى أيامه الأخيرة فى الملاعب، لتزرع فى شخصيته الصلابة والعزيمة لتلقبه جماهير بوكا جونيورز الأرجنتينى بلاعب الشعب.
اعتاد “تيفيز” فى صغره، طلب الطعام من جيرانه، أو الذهاب إلى منازل أصدقائه، حتى يتناول الخبز والبطاطا، بعدما هربت والدته وهو فى عمر 6 أشهر فقط، بالإضافة إلى اختفاء والده الدائم نتيجة عمله مع عصابات المخدرات فى الحى.
وفى عام 1989، كان تيفيز يبلغ من العمر 5 سنوات، حاول مدرب فريق نيويلز أولد بويز للناشئين، إقناع “سيجوندو”، بانضمام نجم التانجو إلى مدرسة لكرة القدم، وفى تلك الأيام، لم يكن “سيجوندو” قادرًا على شراء حذاء رياضى لـ”كارليتوس” من شدة الفقر، إذ اضطر هذا الرجل إلى بيع منزله بسبب خسارته لوظيفته من أجل تربية الأطفال الخمسة، ومن بينهم “تيفيز”.
بعد نيويلز أولد بويز انضم إلى بوكا جونيورز ثم إلى كورنثيانز البرازيلى مقابل 18 مليون يورو، فى عام 2015، ليمضى موسمًا واحدًا فى البرازيل، سجل خلاله 25 هدفًا فى 38 مباراة، قبل أن يرحل إلى وست هام يونايتد الإنجليزى فى الساعات الأخيرة من الميركاتو.
وفى الجولة الأخيرة من الموسم نفسه “2006-2007″، سجل “تيفيز” فى مرمى مانشستر يونايتد لينتصر فريقه، ويبقى فى الدورى الإنجليزى الممتاز، وأحرز 6 أهداف حاسمة فى آخر 10 مباريات.
وفى صيف 2007 انتقل إلى اليونايتد على سبيل الإعارة لمدة موسمين، وبعد انتهاء فترة إعارته توجه إلى مانشستر سيتى، وأسهم معه فى تحقيق اللقب الأول من الـ«بريميرليج» بعد 44 عامًا، ليرفع تيفيز لافتة كتب عليها: “فيرجسون.. ارقد فى سلام”، ردًا على مدرب الشياطين الحمر الذى قال إن “تيفيز” لن يحقق لقب الـ”بريميرليج” مع السيتى، وإذا حدث هذا الأمر “سيكون السير قد مات”.
وبعد قضاء 4 أعوام مع “السماوى” رحل إلى الدورى الإيطالى وارتدى قميص يوفنتوس، ومن بعدها عاد إلى بوكا، ثم انتقل، فترة قصيرة إلى الصين، فيما كانت الوجهة النهائية، من حيث بدأ مشواره الكروى فى بوكا جونيورز.