الكاتب الأسلامي رمضان البيه يكتب .. “ثمرة الإيمان والإستقامة”
بقلم الكاتب الأسلامي رمضان البيه
معلوم أن الأصل في الإيمان الاعتقاد الغيبي، يقول تعالى في مطلع سورة البقرة: “ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون”، صدق الله العظيم، هذا وفي تعريف الإيمان قال عليه الصلاة والسلام، أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وقضاء الله خيره وشره حلوه ومره، وكلها أمور غيبية أي لا تدرك بالعين ولا تشاهد..
هذا ومحل الإيمان القلب ففي الحديث، الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل، وللإيمان مدارج ومعارج تبدأ بحسن الظن والتصديق للمبلغ عن الله تعالى وهو الرسول وهذا ما يسمى “علم اليقين”، ثم يرتقي المؤمن بالالتزام والاستقامة إلى عين اليقين ثم عندما يكمل الإيمان ويرسخ في القلب يرتقي العبد إلى حق اليقين..
علم اليقين الأصل فيه هو التصديق والاطمئنان في ناقل الخبر، وعين اليقين هي مشاهدة ما صدقت به غيبًا عن بعد، وحق اليقين هو التحقق الكامل بما آمنت به واعتقدته غيبًا، ويؤكد ذلك ما كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابي الجليل سيدنا حارثة رضي الله عنه عندما سأله صلى الله عليه وسلم، كيف أصبحت يا حارثة، قال: أصبحت مؤمنًا حقًا يا رسول الله..
أي، متحقق بإيمانه وارتقى من إيمان الغيب إلى إيمان الشهود، فقال له النبي: أو تدري ما تقول فإن لكل حق حقيقة فما حقيقة إيمانك، أي، ما الدليل على تحقك بإيمانك، قال حارثة: عزفت نفسي عن الدنيا، أي زهد فيها، واستوى عندي تبرها وتبنها وأقبلت على ربي وأصبحت وكأني أرى عرش الرحمن بارزًا وأرى أهل الجنة في الجنة يتنعمون وأهل النار في النار يعذبون، فأمسك النبي بيده وقال له: عرفت فالزم..
هذا ومعلوم أنه عندما يصاحب الإيمان الاستقامة ويجتهد العبد في ذكر الله وفي الخيرات من بر ومعروف وإصلاح بين الناس وأمر بمعروف ونهي عن منكر وعطف على أرملة ويتيم ومسكين ومساعدة محتاج وغير ذلك من الأعمال الصالحة الطيبة التي يحبها الله تعالى، يرتقي العبد من إيمان الاعتقاد إلى إيمان الشهود وفي ذلك يقول الحق سبحانه وتعالى: “إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون”..
هنا تأتيه وفود الحق عز وجل من الملائكة تزف له البشرى والبشارة من الله تعالى بدخوله في ولاية وعناية وكنف الله تعالى، فلا خوف عليه بعد ذلك ولا حزن وتكن له لقاءات ومشاهدات للملائكة التي آمن بها غيبًا من قبل وعند ذلك يعلم من الله عز وجل ما لا يعلم ويرى ما لا يرى ويسمع ما لا يسمع ويصبح عبدًا ربانيًا له نور من الله وعلم من الله وفهم بالله ويدرج في قائمة أهل ولاية الله تعالى، اللهم ارزقنا الإستقامة وحققنا بإيماننا واجعل لنا حظًا ونصيبًا في محبتك ومعرفتك وقربك ووصلك واجعلنا من أهل حسن الظن بك ..