رمضان البيه يكتب .. وليال عشر
بقلم الكاتب الأسلامي رمضان البيه
هلت علينا الأيام المباركات أفضل أيام الدنيا واكثرها خيرا وبركة . ايام وليالي العشر من ذي الحجة أحد الأشهر الحرم . ليال أقسم بها الحق عز وجل في قرآنه لعظمها ومنزلتها عنده سبحانه وتعالى . أيام الإقبال على الله تعالى بعد التجرد من الدنيا ومتاعها والإقبال على الله تعالى بالقلوب والقوالب . ايام التلبية والتكبير وإقامة شعائر ركن من أعظم أركان الإسلام وهو حج بيت الله تعالى والوقوف بعرفات .أيام النفحات والرحمة والمغفرة والبركات وهي أيام ممن أشار إليها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أنه بقوله : “إن لربكم في أيام دهركم لنفحات، أي رحمات وتجليات، ألا فتعرضوا لها”، ومن المعلوم أن لله تعالى اصطفاءات في خلقه، منها اصطفاؤه من الأزمنة والأمكنة، ومن الأزمنة والمواقيت المصطفاة والتي جعلها سبحانه مواقيت لتلك النفحات والرحمات والتجليات التي أشار إليها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في الحديث، العشر الأوائل من ذي الحجة التي نعيشها هذه الأيام المباركة التي أقسم الله تعالى بها من خلال قوله عز وجل: “والفجر وليال عشر”.
ومعلوم أن العظيم سبحانه وتعالى لا يقسم إلا بعظيم والعظمة في هذه الليالي تكمن في عظيم فضل الله تعالى ورحمته التي يتجلى بها فيهن بالرحمات والمغفرة والعفو والفيوضات على عباده المقبلين عليه عزوجل المشتغلين بطاعته وذكره والمجتهدين في أعمال البر والمعروف والإحسان، هذا، ومن سر هذه الليالي المباركة وجود خير أيام الدنيا وهو يوم عرفة ذلك اليوم المشهود الذي يجتمع فيه الملايين من المسلمين من شتى بقاع الأرض مكبرين وملبين ومهللين وذاكرين لربهم عز وجل بعدما طرحوا الدنيا بكل ما فيها وراء ظهورهم وأقبلوا عليه سبحانه وتعالى بقلوب خلت مما سواه خلت من الدنيا وزينتها ومن المال والأهل والولد، معلنين محبتهم وولاءهم لله تعالى وفي هذا اليوم المشهود يقابلهم ربهم ومولاهم بالعفو والمغفرة والرحمة وفوق ذلك يباهي بهم ملائكته بقوله تعالى لهم: “انظروا ياملائكتي إلى عبادي جاءوني شعثا غبرا يرجون رحمتي ومغفرتي ورضواني، اشهدوا ياملائكتي بأني قد غفرت لهم ورحمتهم”.
هذا ولا شك أن في هذه الأيام المباركة الكريمة الفرصة الطيبة السانحة للرجوع إلى الله تعالى والصلح معه ويتأتى ذلك بالإقرار والاعتذار له تعالى، الإقرار بعظيم فضله ونعمه وصبره علينا وذلك بعدم تعجيله لنا بالعقوبة وإمهاله لنا وإعطائنا كل الفرص للتوبة والرجوع إليه، والإقرار أيضا بالإساءة والتقصير والندم على ذلك والاعتذار له سبحانه عن ذلك، هذا والتعجيل بالتوبة واجب، خاصة أننا لا ندري متى ينتهي الأجل ومتى تغلق صحائف الأعمال، الآجال مقدرة ولكنها غير معلومة لنا والموت يأتي بغتة أي على غفلة وهو غير مربوط أو مرتهن بشيء، لا بصحة ولا مرض ولا بشباب ولا بكبر..
هذا وعلى العاقل أن يغتنم هذه المواقيت الطيبة ولا يضيعها وليجعل منها بداية التقرب إلى الله ربه ومولاه جل علاه، ولا يفوتنا أن صيام هذه الأيام له فضل وأجر عظيم ولا يفوتنا أيضًا أن إطعام الطعام وكسوة العريان وجبر الخاطر من أحب الأعمال إلى الله ومن أفضل الأعمال لصاحبها وخاصة في هذه الأيام التي يعاني فيها الفقراء والمساكين، وفي الحديث يقول نبي الرحمة ورسول الإنسانية: “ثلاثة يخاطبهم الله عز وجل يوم القيامة على منابر من نور، مشبع الجوعان ومكسي العريان ومغيث الملهوف” . وفقنا الله تعالى إلى صالح الأعمال ..