د. “الخشت” بمحاضرة أمام نخبة أكاديمية بمعرض أبو ظبى الدولى للكتاب يؤسس للدولة الوطنية في الخطاب الديني الجديد
كتب جودة عبد الصادق إبراهيم
د. الخشت يطرح رؤى فكرية معاصرة حول الدولة الوطنية والأمن القومى وتأسيس خطاب دينى جديد
د. الخشت يقدم قراءة لسورة “الكهف” تكشف عن مقومات بناء الدولة بالإنصاف والتنمية المستدامة ومحاربة التطرف
د. الخشت: لا يمكن عزل مفهوم الدولة الوطنية عن تأسيس خطاب دينى جديد بالعودة إلى منابع الإسلام الصافية قرآنا وسنة متواترة
د. الخشت: تأسيس خطاب دينى جديد لايعنى إنشاء دين جديد بل الهدف هو إصلاح أحوال الناس تحت مظلة الدولة الوطنية
د. الخشت: الإصلاح الدينى شرط للانتقال إلى دولة قوية ذات مفهوم تنموى شامل مع ضبط منظومة القيم
د. الخشت: الدولة الوطنية هى الأصل والانتماء والولاء والملاذ فى مقابل الفوضى والضياع ومهددات الوجود
د. الخشت يدعو إلى ترسيخ سمات الدولة الوطنية عبر نوعية جديدة من التعليم تعتمد على تعلم خلق القيمة والبحث النافع والقدرة على التنوع داخل دائرة من الوحدة الوطنية
ألقى الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، محاضرة كاشفة لرؤى فكرية معاصرة حول بناء الدولة الوطنية وارتباطها بتأسيس خطاب دينى جديد، وذلك في ندوة بمعرض أبو ظبي الدولي للكتاب بعنوان “الدولة الوطنية وتجديد الخطاب الديني”، بحضور نخبة من كبار الأكاديميين والمثقفين الإماراتيين، وبعض رؤساء الجامعات الإماراتية، وأدار الندوة الدكتور رضوان السيد.
وقال الدكتور محمد الخشت، إن مفهوم الدولة الوطنية ليس بمعزل عن ضرورة تأسيس خطاب ديني جديد، مؤكدًا أن تأسيس خطاب ديني جديد لا يعني إنشاء دين جديد بل العودة إلى المنابع الأصلية، وهي القرآن الكريم والسنة النبوية المتواترة في ضوء العقل النقدي المنضبط، وأن الخطاب الديني ليس هو الدين، فالدين إلهي مقدس بينما الخطاب الديني هو خطاب بشري لأن تعريف الخطاب الديني يبين أنه الكلام البشري المكتوب أو الشفهي عن الدين، في ضوء سياق ثقافي اجتماعي اقتصادي معين في فترة زمنية معينة ، انه هو ما يفهمه العلماء والناس ويكتبونه أو يقولونه أو يتصرفون طبقا له، وهو طريقة فهمنا للدين وتعبيرنا عنه شفاهية أو كتابة أو فعلا، مؤكدًا أن الغرض من تأسيس خطاب ديني جديد هو إصلاح عقول وأحوال الناس في ظل الدولة الوطنية.
وبين الدكتور الخشت، العلاقة الوطيدة بين تأسيس خطاب ديني جديد وبين مفهوم الدولة الوطنية، وركز الدكتور الخشت، في محاضرته، على سورة الكهف وما بها من قضايا متعددة حيث تبدأ بقضية سلامة المعتقد من خلال قصة الفتية الذين آمنوا بربهم وزادهم هدى، وكيف أنهم عندما اختلفوا مع قومهم لم يمارسوا الإرهاب ضد مجتمعهم، ثم قضية علاقة سلامة المعتقد بالرفاهية والإنتاج الزراعي من خلال قصة صاحب الجنتين، ثم قضية تحقيق العدالة والإنصاف من خلال قصة العبد الصالح، ثم القصة الختامية التي تمثل ذروة السورة، وهي قصة ذي القرنين التي جمعت بين مقاصد القصص السابقة وحققتها على الأرض من خلال مفهوم الكيان السياسي أو الدولة، و هي قصة الدولة القائمة على الإنصاف والتنمية ومحاربة الإرهاب والاستعمار الظالم، فسورة الكهف تتدرج من سلامة المعتقد في أول قصة فيها مرورا بالقصص الأخرى حتى تصل إلى المبادئ المثالية للدولة في قصتها الأخيرة، وهي قصة ذي القرنين مع الأقوام الذين حكمهم، قائلًا إن قصة ذي القرنين تقدم مبادئ وقوانين مهمة في الحكم، وقد توقف عندها الدكتور الخشت بالتحليل في ضوء تفسير القرآن بالقرآن بعيدًا عن الأساطير المروية التي تعج بها كثير من كتب التفسير.
وأكد الدكتور الخشت على أن الخطاب الديني الجديد يحتوي على مفهوم الدولة بوصفها الذروة والمقصد لتحقيق الإنصاف والازدهار، وهذا ليس أمرا مبتدعا، وانما هو عودة للوحي الكريم.
لافتًا إلى أن الدولة الوطنية تقوم على عدة محاور أهمها : الإقليم، والشعب، وعقد المواطنة، والدستور ، والسلطات الثلاث ( التشريعية والتنفيذية والقضائية)، والنظام القانوني المؤسسي ، وأنها تستهدف الإنصاف والاستقرار والأمن والتنمية الشاملة ومواجهة الإرهاب، لافتًا إلى أن الإصلاح الديني وتغيير منظومة القيم شرط للانتقال إلى دولة قوية ذات مفهوم تنموي شامل.
واستعرض الدكتور محمد الخشت، خلال المحاضرة، تطور مفهوم الدولة، بداية من العائلة والعشيرة والقبيلة مرورا بدولة المدينة والمملكة والامبراطورية والخلافة وفي النهاية الدولة القومية والدولة الوطنية والتى تمثل آخر أشكال تطور الدولة، كما استعرض تطور مفهوم الأمن القومي، والتحديات التي تواجه الدولة الوطنية سواء سياسية أو أيديولوجية وثقافية أو اقتصادية أو اجتماعية أو أمنية، مشيرًا إلى أن الدولة الوطنية هي أرقى أشكال الدول لارتباطها بالقانون الطبيعي، وحماية المقدرات الشخصية والعامة، وحقوق الإنسان، والفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.
وقال رئيس جامعة القاهرة، إن الدولة الوطنية هي الانتماء والولاء والملاذ في مقابل الفوضى والضياع ومهددات الوجود، لافتًا إلى أن الدولة الوطنية هي التي يتساوى فيها الجميع الذين يعيشون في الوطن نفسه مساواة كاملة في الحقوق والواجبات، وأمام القانون دون تمييز بينهم على أساس اللون أو العرق أو الدين أو الفكر أو الغنى والفقر أو الانتماء السياسي، ويحترم كل مواطن المواطن الآخر.
ودعا رئيس جامعة القاهرة، إلى ترسيخ سمات الدولة الوطنية من خلال مجموعة من الوسائل، أبرزها تعليم القدرة على التنوع داخل دائرة من الوحدة الوطنية، والتوسع في تذوق وتعليم الفنون والآداب وتاريخ الحضارة وتاريخ العلوم، ونوعية جديدة من التعليم تقدم له أسلوب حياة وطريقة عمل، ونوعية جديدة تعتمد على التعلم بدل التعليم، والبحث بدل النقل، والحوار بدل الاستماع، والقدرة على الاختلاف بدل التسليم المطلق بالأفكار السائدة، بالإضافة إلى طرق تدريس جديدة قائمة على التربية الحوارية والتي تهدف إلى تخريج شخصية حرة واعية قادرة على الحوار، وغير متعالية عليه؛ مما ينشأ عنه النمو في تكوين المواقف والآراء الجديدة.
يذكر أن الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، نشر رؤيته الخاصة عن مفهوم الدولة الوطنية ودورها في العصر الحديث، في عدد من كتاباته أبرزها “فلسفة المواطنة وأسس بناء الدولة الحديثة” و “المجتمع المدني والدولة”، كما نشر رؤيته النظرية التأسيسية عن تجديد الخطاب الديني في كتابه “نحو تأسيس عصر ديني جديد” وعدد من الكتب الأخرى.