أحمد نجم يكتب … المرأة المصرية والتكريم الإلهي
كتب أحمد نجم
لم أقتنع يوما بمقولة الكاتبة والروائية الفرنسية سيمون دي بوفوار، التي ذكرتها في إحدي روايتها ” بأن كل الحقوق التي حصلت عليها المرأة هي مجرد تنازلات قدمها لها الرجل ” . سيمون دي بوفوار التي رحلت في أبريل 1986 هي كاتبة ومفكرة فرنسية ، وفيلسوفة وجودية، وناشطة سياسية ، تهتم بشؤون المرأة ، قدمت الصورة من خلال رؤيتها في بيئة و عصر عاشته عصر كان الرجل يتنازل للمرأة عن بعض المكتسبات التي تخصه و التي تسعي هي للوصول إليها .
ولم تبرز بوفوار جهود المرأة وطموحها من أجل إثبات وفرض شخصيتها ورؤيتها في المجتمع باعتبارها شريكا أساسيا في منظومة التربية والتنمية . بل وعنصر أساسي لمقومات الحياة . من جراء سعيها لإثبات وجودها وتألقها المتميز في كافة المجالات . وهناك نماذج مذهلة لكفاح المرأة وتميزها سيكون لها مجال آخر .
ولأن المرأة المصرية ترتقي دوما لمكانة عالية بمجهودها وطموحها وتميزها فقد سعدت جدا بقرار تكريم المرأة المصرية الذي أصدره فضيلة الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية بتكريم المرأة المصرية و الثقة في قدراتها العلمية و إشراكها في أرقى المناصب ، بتعيين الباحثة زينب السعيد عضوا في أمانة لجنة الفتوي بدار الإفتاء المصرية لتكون أول سيدة مصرية تتولي ذلك المنصب الرفيع بجهدها وتميزها في أبحاثها العلمية .
ومن قبل كان تعيين الصديقة العزيزة المستشارة تهاني الجبالي رحمها الله عضوا بالمحكمة الدستورية العليا لتكون اول سيدة مصرية تتولي هذا المنصب القضائي الرفيع و التي تصدت بشجاعتها لجماعة الإخوان الإرهابية ‘ عقب ثورة يناير.. الأمر الذي جعلهم يعيدون صياغة قانون تشكيل أعضاء المحكمة الدستورية ليتم الإطاحة بالمستشارة الجسور ،”رحمة الله عليها ” التي توفيت بفيروس كورونا اللعين .
علي مدار عقود الزمان الماضية كانت المرأة المصرية نموذجا للكفاح و التصدي و التميز في حياتها العملية و العلمية . ويكفي المرأة المصرية شرفا أن الله سبحانه وتعالي كرم جهودها من أجل الحفاظ علي أبنائها وخلد عبر التاريخ سعيها لذلك ، فحينما ترك سيدنا إبراهيم زوجته السيدة ” هاجر المصرية ” في صحراء مكة القاحلة ومعها رضيعها “سيدنا إسماعيل ” وتركها وحيدة . تحلت بالصبر وقوة الإيمان و الحفاظ ومراعاة شؤون ابنها .
وعندما نفد الطعام والشراب معها واشتد الظمأ عليها و علي رضيعها ظلت السيدة ” هاجر المصرية ” تسعي مهرولة بين جبلين تبحث عن ماء أو زاد أو شئ يروي ظمأها ورضيعها ‘ و تقديرا من الله لسعيها مهرولة بين جبلين سبع مرات تنظر من فوقهما لعلها تهتدي لآي زاد لتفاجئ بأن الله فجر لها بئر زمزم الذي يرتوي منه الآن ملايين المسلمين في كافة أنحاء العالم ، كما كرم الله المرأة في صورة السيدة ” هاجر المصرية ” بأن جعل سعيها للبحث عن طعام وشراب لنجلها وهرولتها بين الجبلين الصفا والمروة أحد عناصر إتمام العمرة و الحج .
و يحق للمرأة المصرية أن تفخر بذلك لأن الله سبحانة وتعالي كرمها وخلد مسعاها ليوم الدين بالسعي بين الصفا و المروة . كما كافأها الله سبحانه وتعالي علي طاعتها وقوة إيمانها عندما أطاعت زوجها سيدنا إبراهيم عندما رأي في المنام رؤيا انه يذبح نجله سيدنا إسماعيل.
فيكفي المرأة المصرية شرفا أنه عندما توفيت السيدة هاجر المصرية وكانت تبلغ من العمر 90 سنة تقريبا تم دفنها بجانب الكعبة المشرفة ليجازيها الله بخير ما فعلت وتحملت ‘ وعظم الله أجرها و ذكراها ليوم الدين ، حينما تم دفنها وعرف قبرها بجوار الكعبة بـ”حجر إسماعيل” وهو المكان الذي تربى فيه سيدنا إسماعيل ‘ وعاشت فيه وأصبح أساسا من أسس الطواف حول الكعبة ، و الطواف حول الكعبة دون المرور حوله يعتبر غير صحيح .
يجب أن تفخر المرأة المصرية بأن مافعلته يهتدي اليه رجال ونساء الكون كله من المسلمين .وتسكن روحها الطاهرة بجوار الكعبة الشريفة . ينعم بزيارتها رجال ونساء العالم الاسلامي من المعتمرين و الحجيج.
للمرأة المصرية دور هام منذ الأزل وفي العصور الفرعونية تعلمت بعضهن القراءة والكتابة، و عملن كاهنات وكاتبات و طبيبات و كانت ” ميرت بتاح ” أول امرأة في التاريخ تعمل طبيبة و عاشت في عهد الأسرة المصرية الثالثة 2700 قبل الميلاد.
كما تولت عرش الدولة الفرعونية من خلال الملكة حتشبسوت من بعد زوجها تحتمس الثاني و جلست علي العرش عشرين عاما ازدهرت البلاد اقتصاديًا وسياسيًا، وتميز عهدها بالحكمة والعدل و قوة الجيش والبناء والرحلات التي قامت بها .
كانت المرأة قدوة في الحروب الأولي للحفاظ علي كيان الدولة المصرية من غزو الهكسوس وكانت ” إياح حتب ” هي أعظم ملكة مقاتلة في تاريخ مصر بعد أن فقدت زوجها وإبنها في حربهم ضد الهكسوس، ولم تنهار أو تستسلم بل شجعت ابنها الاخر أحمس الأول ليقود الجيش بعد وفاة ابيه وأخاه وشاركته في حملاته ضد الهكسوس لإخراجهم من مصر ..
المرأة المصرية نموذجأ وقدوة في كافة المجالات التي تتولاها بحكمة وضمير وعدل في الآداء منذ العصور الأولي ولأن المجال لا يتسع الأن لذكر نضال وجهود وتضحيات المرأة المصرية فسيكون لنا مقال آخر لإعطائها جزء من حقوقها.
بواسطة أحمد نجم .. نشر في صدي البلد