عبد اللطيف المناوي يكتب … الأزهر ينتصر لشنودة
بقلم عبد اللطيف المناوي
تثبت مؤسسة الأزهر طوال تاريخها أنها تمتلك القدرة على أن تكون صاحبة موقف، ويبدو هذا فى أفضل صوره فى ظل شيخ الأزهر الحالى الدكتور أحمد الطيب. من هذه المواقف ما يتعلق بالقضايا الخلافية والجدلية التى يمكن أن تُحدث شروخًا عميقة فى المجتمع المصرى، كقضية الطفل شنودة، إذ يستحق رأى الأزهر الإشادة باعتبارها المؤسسة الدينية الرسمية التى صدر عنها موقف يسهم فى الحل، حتى لو لم يذكر اسم الطفل صراحة فى تدخله.
ورغم أن المذهب الفقهى الرسمى للدولة المصرية هو المذهب الشافعى، فإن الأزهر قدم حله استنادًا إلى رأى مذهب فقهى آخر غير الشافعية، فقد استند إلى رأى من السادة الحنفية، وهو أن الطفل اللقيط إذا وُجد فى كنيسة وكان الواجد غير مسلم فهو على دين من وجده، وقد استند الأزهر إلى أقوال الحنفاء: «إن وُجد فى قرية من قرى أهل الذمة أو فى بيعة أو كنيسة كان ذميًّا».
قرار النيابة السابق بتسليم الطفل شنودة لدار الرعاية قام على فرضية أنه وُجد خارج الكنيسة، ولكن من الناحية الموضوعية هذه الفتوى الصادرة من الأزهر تمثل سندًا مقبولًا لتتصرف النيابة العامة سريعًا، وتعيد الطفل للمنزل الذى لا يعرف سواه، وإلى أبويه اللذين لا يعرف سواهما.
نعم لم يتدخل الأزهر بشكل مباشر، أى لم يبادر بالحل، بل نشر عبر صفحته الرسمية لمركز الفتاوى إجابة عن سؤال للاستفسار عن ديانة الطفل شنودة، فكانت إجابة الأزهر: «إن ديانة الطفل لمن وجده»؛ ليحسم الجدل الفقهى حول ديانة الأطفال مجهولى النسب دون أن يذكر تحديدًا الطفل شنودة.
حسنًا فعل الأزهر بأنه لم يخصص القضية، وكأنه أراد تأسيسًا للوضع الجديد وترسيخًا لقاعدة فقهية أو قضائية، وفتحًا جديدًا لقضية فكرية من المفترض أن تنال حقها فى الحديث المجتمعى من أجل الوصول إلى حل لقضية شنودة، باعتبارها قضية ماضية، وكذلك الوصول إلى حل للقضية فى شكلها العام مستقبلًا.
من المنتظر أن تقدم الأسرة أيضًا توفيق وضعها كأسرة بديلة وفقًا لقانون الطفل ولائحته التنفيذية، واللافت هنا أن آخر تعديل للائحة عام 2020 بات يسمح بأن يكفل الطفل زوجان أحدهما مصرى، وليس كلاهما مصريين كما كان فى تعديل 2018، فى حين ما زال يشترط وحدة الدين بين الطفل والأسرة البديلة.
ومن المنتظر كذلك لكافة الأطراف فى الدولة أن تدعم موقف الأزهر فى بعض القضايا الخلافية، لتبدأ خطوات أخرى تخص جهات متعددة، تقتضى ضرورة إدخال تعديل تشريعى أو لائحى تماشيًا مع فتاوى وآراء الأزهر.
أظن الوقت حان لإغلاق ملف الطفل شنودة بإقرار عودته إلى أهله، والتنسيق مع الأزهر فى قضايا تجديدية أخرى وانتهاز فرصة وجود الدكتور الطيب بتوجهه التجديدى وبقدراته.
بواسطة عبد اللطيف المناوي .. نشر في المصري اليوم