سطور جريئة … كلاهما مذنب
بقلم الكاتب الصحفي رفعت فياض – مدير تحرير أخبار اليوم
مللت كثيرا من نشر القرارات التى تتخذها وزارة التعليم العالى بغلق أى من الكيانات الوهمية التى يتم اكتشافها فى جميع المحافظات والتى تقوم بمنح شهادات دكتوراه وماجستير وبكالوريوس وليسانس مزيفة ومضروبة، وكثيرا منها قد يكون بأختام رسمية لكنها مزورة خاصة بعد أن بلغ ماتم غلقه منها حتى الآن ٣٥٨مركزا وهمياً.
لم يعد يمر أسبوع إلا يتم إغلاق مركز أو اثنين من هذه المراكز التى اتخذت من النصب والتزوير وسيلة لكسب المال الحرام واستحلت لنفسها أن تقوم باستئجار مقار عديدة والحصول فى البداية على ترخيص بأنها مراكز تدريب على الكمبيوتر أو خلافه وبعدها تبدأ فى السير فى ارتكاب جريمة تنظيم دورات ومحاضرات قد يمتد بعضها لمدة عام أو عامين من غير متخصصين، وتقوم فى النهاية بتزوير شهادات مضروبة لكل من يلتحق بهذه المراكز التى لن تفيد الحاصل عليها التعيين بشكل رسمى فى أى مكان لأنها مزورة.
وأنا أتعجب من نوعية من يذهبون لهذه المراكز لكى يحصلوا على مثل هذه الشهادات والمبالغ المالية الضخمة التى يدفعونها ومعظمهم يعرف أنها غير قانونية وغير سليمة، ويعرفون أن مثل هذه المراكز ليس من سلطتها القانونية أن تصدر مثل هذه الشهادات بشكل سليم لأن الجهة الوحيدة المختصة بذلك هى وزارة التعليم العالى من خلال المؤسسات التعليمية الرسمية التابعة لها التى تقع تحت إشرافها، وأن الالتحاق بأى من المؤسسات المعتمدة يتم من خلال الوزارة ممثلا فى مكتب تنسيق القبول بالجامعات، وليس الذهاب لمراكز تعمل فى شقق أو تحت بئر السلم كما يقولون ـ
وأنا تحليلى الشخصى لطبيعة هذه النوعيات التى تلتحق فى معظمها بمثل هذه المراكز المانحة لهذه الشهادات المضروبة هى نوعيات فاسدة ولا يقل جرمها عن جرم من يعملون بمثل هذه المراكز الوهمية، لأن كلاهما يضر بالمجتمع، وكلاهما خطر على الأمن القومى للبلاد لأنهما يساعدان على نشر ثقافة الشهادات والأوراق المزورة حتى لو كانت هذه الشهادات سيتم وضعها فى ورشة نجارة لتوهم الزبائن كذبا بأن صاحب هذه الورشة يحمل رسالة الماجستير أو الدكتوراه مثلا أو فتاة جاهلة ليس معها أى مؤهل وتريد أن تلتحق بأى من هذه المراكز حتى تحصل على شهادة لتوهم عريس الغفلة أنها متعلمة وحاصلة على شهادة جامعية وهو لايعلم أنها شهادة مضروبة. كما أن نشر مثل هذه التصرفات بهذه الصورة تعمل على نشر ثقافة التزوير والتدليس فى المجتمع ولابد من محاسبة كل من هذه النوعية من خلال تشريع يجرم ما يقومون به، ولا تكون حجة الجهل بعدم مشروعية مثل هذه المراكز الوهمية وسيلة للهروب من المحاسبة ـ لأنه ليس من المعقول أن تستمر وزارة التعليم العالى فى مطاردة مثل هذه المراكز الوهمية بالغلق فقط وإبلاغ المحليات بذلك ويتم ترك الجانى بلا عقاب سواء المنظم لمثل هذه المراكز أو الملتحق بها لأن كلاهما آثم ويجب محاسبته بشدة إذا كنا نريد بالفعل غلق هذا الباب من الغش والتزوير بمثل هذه الأوراق المضروبة.
[email protected]