تحقيقات وحوارات

التنافس فى الخيرات وخدمة الأوطان

كتب الشيخ حاتم البري إمام مسجد سيدي إبراهيم الدسوقي

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة ورضى لنا الإسلام دينا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبدالله ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد، أيها القارئ الكريم: لقد خلق الله الإنسان، وفضله على كل خلقه ، وأعطاه نعما لا تعد ولاتحصى فمنحه العقل الذى يفكر به ، ويميز به بين الخير والشر ،وبين الطيب والخبيث، ومنحه الحواس ، ومنحه الشعور والإحساس، كل ذلك لتكتمل شخصيته، وهذا بلا شك من نعم الله على الإنسان ، والناس تجاه هذه النعم فئات متعددة ،منهم من هو من عباد الله الشاكرين، وهم صنف قليل ،قال الله فيهم( وقليل من عبادى الشكور ) سبأ ١٣، والكثير منهم أصيبوا بمرض عضال يسمى مرض البعد عن الله ، إنه داء الداء ومكمن العلل ، علاجه وصفه لنا العارف بالله ” سفيان الثورى” حينما جاءه رجل، وقال له يا سفيان إنى أشكوا مرض البعد عن الله ، فهل عندك علاج ؟ قال له : يا هذا عليك بعروق الإخلاص، وورق الصبر ، وعصير التواضع ، ضع ذلك فى إناء التقوى ، وصب عليه ماء الخشية، وأوقد عليه بنار الحزن، وصفه بمصفاة المراقبة وتناوله بكف الصدق ،واشربه من كأس الاستغفار، وتمضمض بالورع وأبعد نفسك عن الحرص والطمع تشفى من مرضك بإذن الله ٠

فالناس فى هذه الحياة قسمان ، مطيع وعاص ، طيب وخبيث،والعاقل فى هذه الحياة، هو الذى يوجه وجهته دائما إلى فعل الخير، وهذا مابينه الله- تعالى- فى قوله( ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير ) البقرة ١٤٨، والمتنافسون فى الخيرات هم من أعطاهم الله مفاتيح خزائن الخير كما قال حبيبنا- صلى الله عليه وسلم- ( إن هذا الخير خزائن، ولتلك الخزائن مفاتيح، فطوبى لعبد جعله الله مفتاحا للخير، مغلاقا للشر ، وويل لعبد جعله الله مفتاحا للشر مغلاقا للخير ” والتنافس فى الخير من وصايا النبى صلى الله عليه وسلم ففى الحديث الصحيح عن أبى هريرة- رضي الله عنه- أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ” يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالدرجات العلي والنعيم المقيم ، فقال : وما ذاك؟ قالوا: يصلون كما نصلى ، ويصومون كما نصوم ، ويتصدقون ولا نتصدق ، ويعتقون ولا نعتق، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ” أفلا أعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم ، وتسبقون به من بعدكم ، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم، قالوا : بلى يا رسول الله، قال: ” تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين مرة ” فمفاتيح الخير فى ديننا كثيرة، وأبواب الخير فى ديننا عديدة فإذا أغلق باب فتحت بقية الأبواب، ولقد سادت روح المنافسة فى الخيرات بين الصحابة- رضوان الله عليهم – وخصوصا إذا كان الأمر متعلقا بالوطن ، يقول سيدنا عمر كما جاء فى سنن أبى داود والترمذى٠: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق، فوافق ذلك مالا عندى ، فقلت اليوم أسبق أبا بكر، إن سبقته يوما،فأتيت بنصف مالى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما أبقيت لأهلك؟ قلت : مثله ٠

وأتى أبو بكر بكل ما عنده ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ” ما أبقيت لأهلك؟ قال : أبقيت لهم الله ورسوله، قلت : لا أسبقه إلى شىء أبدا “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى