مقالات كبار الكتاب

“صفعني لأنني غير محجبة”

كتبب أ.د الهلالي الشربيني الهلالي

فجعني خبر تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة يفيد قيام أحد الصيادلة بقرية من قرى محافظة المنوفية بصفع سيدة مسيحية داخل صيدليته وهى تشترى منه دواء لطفلها لمجرد أنها تكشف شعرها وترتدي بلوزة نصف كم، وبما أن سيادته لديه توكيل من العناية الإلهية بهداية البشر ومنحهم صكوك الغفران للولوج في هدوء وأمان إلى جنة الرضوان، قام سيادته بصفعها!!!!!!

 

وقد ذكرتني هذه الواقعة بأخرى -مشابهة مع الفارق -رأيتها في دولة ماليزيا في عام 2014 عندما ذهبت على رأس وفد من الجامعات المصرية إلى هذه الدولة للتباحث بشأن إرسال طلاب ماليزيين للدراسة بالجامعات المصرية -خاصة في كليات الطب- ؛ فعند وصولنا إلى فندق الإقامة تلاحظ لي وجود سيدتين تعملان في استقبال الفندق إحداهما محجبة وتغطي شعرها وترتدي ملابس طويلة حتى قدميها، والأخرى متبرجة تكشف شعرها وترتدي ملابس تكشف عن ذراعيها من الكتفين حتى الكفين بالإضافة إلى جيب قصيرة يصل قصرها فوق ركبتيها بكثير ، فاستوقفني هذا المنظر، ومن ثم جلست في الاستقبال أراقب درجة الانسجام بينهما فوجدت ابتسامات وإيماءات متبادلة تنم عن تفاهم وتعاون في العمل وتوافق لا حدود له.

 

وهنا طلبت من نائبة الوزير – رئيسة الوفد الماليزي- أن تفسر لي ما أراه؛ فقالت لي إن الشعب الماليزي تقريبا ينقسم إلى قسمين رئيسيين الأول يدين بالإسلام والآخر يعتنق البوذية، والسيدة الأولى المحجبة هي ماليزية مسلمة أما الأخرى فهى ماليزية بوذية، ونحن – في ماليزيا – لا يتدخل أي منا في أمور الآخر؛ حيث تعود كل منا أن يترك الآخر في شأنه يمارس معتقداته وشعائره وعاداته وتقاليده دون أدنى تدخل على الإطلاق من الطرف الآخر، وبذلك أرحنا واسترحنا ولم نضيع وقتنا وجهدنا وأموالنا في المهاترات وصغائر الأمور والتفاهات ، وهذا ربما يكون هو سر تقدمنا لأننا بذلك تفرغنا للعمل والإنتاج والابداع واستفدنا من تنوعنا لصالح الوطن.

 

وهنا أقول لشرذمة المنحرفين من أمثال هذ المواطن الذي ارتكب هذا الفعل المشين: هل يقبل أي منكم أن يصفع أحد زوجته أو أمه أو أخته أو ابنته؟؟ إن ما فعله ذلك المواطن يعد ذنب لا يغتفر وعار عليه وعلى أمثاله ووصمة في جبين الوطن، إنه فعل لا يليق بأخلاق ولا سلوكيات أي إنسان محترم أيًا كان دينه أو معتنقه، ومن ثم فإننى أسأل هذا المواطن: قُل لى يا هذا من أنت إذا كنت فعلا إنسانا؟!! ومن الذي منحك الحق في صفع هذه السيدة أو توبيخها؟؟! إن ما حدث يعد جريمة ضد امرأة مصرية يحميها القانون، ولابد من وقفة وتطبيق للقانون على الجميع دون أدنى تمييز أو تفريق والكف عن تقبيل اللحى والاكتفاء بالمصالحات العرفية التي غالبًا لا تزيد إلا من الاحتقان بين أبناء الوطن في مثل هذه الوقائع، أقول ذلك حماية للوطن وتقدمه ، وحفاظًا على سلامته وتماسكه من مخططات وأفعال هذا المواطن وأمثاله ممن ينصبون أنفسهم سدنة للفضيلة وحملة لمفاتيح الجنة والنار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى