غير مصنف

أهل الإيمان والمحبة

بقلم الكاتب الأسلامي رمضان البيه

تحدثت كثيرا عن أحوال أهل محبة الله تعالى والفرق بين عامة أهل الإيمان من المسلمين وبين خاصة أهل الإيمان الذين أقاموا منهج الإسلام وإستقاموا عليه ولم يخلطوا في أعمالهم بين العمل الصالح والعمل السيئ وهم الذين إرتقوا في المدارج الإيمانية إلى أن وصلوا إلى مرتبة الإحسان والشهود وهم الذين إرتقوا في مقامات اليقين من علم اليقين إلى عين اليقين . إلى حق اليقين . وهم خاصة أهل الإيمان الذين أشار إليهم الحق عز وجل في قوله تعالى ( والسابقون السابقون أولئك المقربون ).

وقوله جل جلاله ( فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم ) .

وهم الذين سمت أنفسهم عن التطلع إلى الأجر من الله تعالى والثواب والتطلع إلى الجنان في الآخرة . وهم الذين أخلصوا وجهتهم الله تعالى والذين تعلقت قلوبهم وأرواحهم به سبحانه بعدما إمتلأت قلوبهم حبا وإجلالا وتعظيما لله عز وجل. وهم الذين عبدوه تعالى بخالص من السر فشرفهم سبحانه وتعالى بخالص من الشكر وهم كما وصف حال عبادتهم لله تعالى العارف بالله تعالى سيدي ذي النون المصري رضي الله عنه بقوله ( أولئك الذين تمر صحائف أعمالهم على الملائكة فرغا حتى إذا ما وصلت لمليكهم عز وجل ملأها سبحانه بسر ما أسروه إليه ) .

وهم الذين نظر الله تعالى إليهم بعين عنايته ورزقهم أنوار هدايته وجعلهم أهل محبته وولايته . وهم الذين خصهم الله تعالى بالتجلي بأنوار أسماءه تعالى وصفاته فهم بين القبض والبسط يتقلبون وبأنسه تعالى ينعمون ويعذبون .نعم ينعمون ويعذبون ولعل سائل يسأل كيف يعذبون بعدما آنسهم الله تعالى ؟ .

أجيبه قائلا : أنه من المعلوم أن ما من محب إلا وهو مشوق إلى محبوبه وبقدر المحبة يكن الشوق .وقدر الشوق يكن العذاب .

ومعلوم أيضا أن للأشواق نيران تشتعل وتستعر في القلب حتى تحرق كل متعلق بالقلب وكل غير سوى المحبوب عز وجل ثم تشوى أكبادهم شوقا وتتألم أنفسهم وتعاني أرواحهم من مرارة اليتم وألم ومعاناة الغربة .

وهذا هو حالهم الدائم في هذه الدار التي وصفها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله بأنها سجن المؤمن وجنة الكافر كما جاء في الحديث .وهي دار الغربة كما أشار عليه الصلاة والسلام بقوله ( بدأ الإسلام غريبا وسوف يعود غريبا فطوبى للغرباء ) .

هذا ولشوق اهل المحبة أصل متعلق بعالم الأرواح أو عالم الذر ذلك العالم الذي جلى فيه الحق عز وجل أرواح بني آدم من ظهر أبينا آدم عليه السلام بعدما مسح على ظهره بيد القدرة وأقامهم بين يدي حضرة ربوبيته تعالى ثم تجلى عليها بصفات ربوبيته وأقيمت الأرواح في حضرة الشهود وجاء الخطاب منه سبحانه وتعالى ( ألست بربكم ) فنطقت الأرواح كلها في آن واحد مقرة قائلة ( بلى شهدنا ) .وكان إقرار شهود وليس إعتقاد .

أي أنه تعالى أشهد أرواح البشر أنور حضرة ربوبيته ووحدانيته . وعند التجلي إنقسمت أحوال الأرواح إلى قسمين أرواح إنجذبت بالكلية إلى حضرة الربوبية التي هي مصدر التجلي وهذه الأرواح تعلقت بربها تعالى وبعالم الحضرة ومنذ ذلك الوقت لم تفارق فتعلقها وحنينها إلى مصدر أصلها دائم ومن هنا يأتي الإحساس والشعور بالإغتراب في هذا العالم وهذه الحياة وعلى أثر ذلك كان ألم اليتم وكانت مرارة الغربة التي يعانون منهما .

وهذه الأرواح هي أرواح سادة وخاصة أهل الإيمان وهم السادة الأنبياء والأولياء والشهداء والصالحين ومن أحبهم .

وهم أهل الإنعام المشار إليهم بقوله تعالى ( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ) .

وأرواح إلتفت وشغلت بأثر التجلي من الأنوار التي سطعت في ذواتها فحجبت عن مصدر التجلي وهذه الأرواح هي أرواح أهل الكفر والشرك والضلال ..

هذا وللحديث بقية في المقال التالي بمشيئة الله تعالى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى