تحقيقات وحوارات

إيمان الإعتقاد وإيمان الشهود

بقلم الكاتب الأسلامي رمضان البيه

عزيزي القارئ تحدثنا في المقال السابق عن أسرار الله تعالى في مملكة الإنسان وقلنا أن أنها تدور حول الروح والقلب والنفس والعقل وذكرنا أنه عندما تتلقي هذه الرباعية في وحدة واحدة بعدما تتزكي النفس ويطهر القلب ويستنير العقل وتسمو الروح يتحقق العبد بحقيقة الإيمان ويصح توحيده لله تعالى ويرتقي من إيمان الإعتقاد إلى إيمان الشهود،

ووعدنا بالتحدث عن إيمان الإعتقاد وإيمان الشهود وهذا ما سوف نتحدث عنه في هذا المقال ..،معلوم أن الأصل في الإيمان الإعتقاد الغيبي ،يقول تعالى في مطلع سورة البقرة،،ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون،،صدق الله العظيم ،هذا وفي تعريف الإيمان قال عليه الصلاة والسلام ،، أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وقضاء الله خيره وشره حلوه ومره،،وكلها أمور غيبة أي لا تدرك بالعين ولا تشاهد . هذا ومحل الإيمان القلب ففي الحديث ( الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل ) هذا وللإيمان مدارج ومعارج تبدأ بحسن الظن والتصديق للمبلغ عن الله تعالى وهو الرسول وهذا ما يسمى بعلم اليقين،ثم يرتقي المؤمن على أثر الإلتزام والإستقامة الى عين اليقين ثم عندما يكمل الإيمان ويرسخ في القلب يرتقي العبد إلى حق اليقين،

،علم اليقين الأصل فيه هو التصديق والإطمئنان في ناقل الخبر ،وعين اليقين هي مشاهدة ما صدقت به غيبا عن بعد . وحق اليقين هو التحقق الكامل بما آمنت به وأعتقدته غيبا بإدراكه شهودا . ويؤكد ذلك ما كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابي الجليل سيدنا حارثة رضي الله عنه عندما سأله صلى الله عليه وسلم بقوله ( كيف أصبحت يا حارثة ) قال،،أصبحت مؤمنا حقا يارسول الله،،أي،،،متحقق بإيمانه وإرتقاءه من إيمان الغيب إلى إيمان الشهود،،

فقال له النبي،، ( أوتدري ما تقول فإن لكل حق حقيقة فما حقيقة إيمانك ) ،،أي،، ما الدليل على تحقك بإيمانك،،قال حارثة،،عزفت نفسي عن الدنيا،،أي زهد فيها،،وإستوى عنده تبرها وتبنها..وأسهرت ليلي..إشارة إلى قيام الليل بالعبادات والذكر..وأظمأت نهاري..إشارة إلى صيامه.. وأقبلت على ربي وأصبحت وكأني أري عرش الرحمن بارزا وأرى أهل الجنة في الجنة يتنعمون وأهل النار في النار يعذبون،،فأمسك النبي بيده وقال له،،

( عرفت فالزم ثم قال لأصحابه..من أراد أن ينظر إلى عبد قد نور الإيمان قلبه فلينظر إلى حارثة ) ،،هذا ومعلوم أنه عندما يصاحب الإيمان الإستقامة ويجتهد العبد في ذكر الله وفي عمل الخيرات من بر ومعروف واصلاح بين الناس وأمر بمعروف ونهي عن منكر وعطف على أرملة ويتيم ومسكين ومساعدة محتاج وغير ذلك من الأعمال الصالحة الطيبة التي يحبها الله تعالى ،،يرتقي العبد من إيمان الاعتقاد إلى إيمان الشهود وفي ذلك يقول الحق سبحانه وتعالى ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم إستقاموا تتنزل عليهم الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ) هنا تستنير عين بصيرته ويقام في مقام الشهود فتأتية وفود الحق عزوجل من الملائكة تزف له البشرى والبشارة من الله تعالى بدخوله في ولاية وعناية وكنف الله تعالى فلاخوف عليه بعد ذلك ولا حزن و تكن له لقاءات ومشاهدات للملائكة التي آمن بها غيبا من قبل وعند ذلك يعلم من الله عزوجل ما لا يعلم ويرى ما لا يرى ويسمع ما لا يسمع ويصبح عبدا ربانيا له نور من الله وعلم من الله وفهم بالله ويدرج في قائمة أهل ولاية الله تعالى،،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى