تحقيقات وحوارات

كان لنا وجود من قبل

بقلم الكاتب الأسلامي رمضان البيه

لكل إنسان منا رحلة في حياته تختلف عن الأخر .فلكل إنسان رؤية وهدف في حياته وقبل ذلك قدر الله تعالى في حياته ومن الحقائق التي لا شك فيها أن كل منا يتقلب في رحلة حياته بين أقدار الله سبحانه وتعالى فيه ولا ولن يتجاوز أحد منا قدر الله تعالى فيه لا بزيادة ولا نقصان..

هذا وقد يظن البعض منا أن رحلة حياته بدأت منذ الولادة وتنتهي عند الوفاة وهذا الفهم متعلق بحياتنا الدنيوية التي نعيشها الآن ولكن كان لنا وجود مسبق سبق وجودنا في هذه الحياة في عدة عوالم بمقتضيات مختلفة وبكيفيات مختلفة .

وقبل أن اتحدث على رحلتنا الدنيوية التي نحياها الآن اتحدث اولا في إطلالة سريعة عن العوالم التي مررنا بها قبل هذا العالم الذي نعيشه والعوالم التي سنمضي إليها بعد رحلينا من هذه الحياة.. .

في البدء كان لنا وجود في مكنون العلم الإلهي ذلك العلم الذي حوى كل شئ وإلى ذلك أشار سبحانه و تعالى بقوله..أحاط بكل شئ علما..وهذه الإحاطة قديمة أزليه حيث كان تعالى ولم يكن معه شئ فالله تعالى يعلم كل مايتعلق بجميع عوالم الخلق والكائنات من قبل ان يأذن سبحانه بخلقهم وظهورهم وكان ذلك حيث لا زمان ولا مكان فكلاهما من عالم الخلق .

ثم إنتقلنا من مكنون صفة العلم الإلهي إلى عالم التقدير حيث سطرت يد القدرة الإلهية مقادير واقدار جميع الخلق في اللوح المحفوظ ..ثم إنتلقنا من عالم التقدير إلى ظهر اول مخلوق بشري ابينا آدم ابو البشر عليه السلام ثم خلق الله تعالى منه أم البشر حواء عليها السلام ثم إنتقلنا من ظهور الآباء والأجداد ثم إنتقلنا إلى عالم الأرحام حيث كنا عبارة عن نطف مائية من ماء مهين كما وصفه الخالق عزوجل إنتقلت من ظهور الآباء إلى أرحام الامهات ثم مررنا بعالم التكوين والخلق في أرحام وبطون الامهات وتحولنا بالقدرة الإلهية من نطفة إلى علقة إلى مضغة إلى عظام ثم كسى الله تعالى العظام لحما ثم تم لنا التخلق والتصوير ثم جاء ميقات الظهور والخروج من عالم الأرحام إلى عالم الظهور و عالم الدنيا ثم تمضي رحلة حياة كل منا وتنتهي بوفاته .

ثم ننتقل بعدها إلى عالم البرزخ إلى أن يشاء الله تعالى لنا ببعثنا من جديد والوقوف بين يديه عزوجل للفصل بيننا وللحساب ثم ننتقل إلى عالم الديمومية والآخرة ومنا من يخلد في الجنة ومنا من يدخل النار منهم من يقيم فيها مؤقت ويخرجه الله منها ومن يخلد فيها ..عزيزي القارئ نعود إلى رحلةحياتنا الدنيوية ولنتحدث عنها إذ اننا نحياها ونعيشها الآن ونتحدث عن احوالنا وتوجهاتنا واهدافنا المتنوعة والمختلفة ونتحدث عن سر الله تعالى في إختلافنا وإختلاف توجهاتنا فيها.. ولكي نعرف سر إختلاف التوجه نعود إلى عالم الذر ذلك العالم الذي إستخرج الحق عزوجل فيه الأرواح من ظهر أبينا آدم عليه السلام واقامها سبحانه في حضرة ربوبيته واشرق عليها بأنوارها وعند ذلك إنقسم حالها إلى قسمين قسم لم يلتف إلى أثر التجلي النوراني في ذاته وإنجذب إلى مصدر التجلي وهولاء هم اهل الإيمان والقسم الثاني هو الذي شغل بأثر التجلي ولم ينجذب للمتجلي سبحانه وهؤلاء أهل الكفر الذين حجبوا عن انوار الحق عز وجل وشغلوا بأنفسهم ولا هم لهم ولا شاغل إلا الدنيا وقد حجبهم الله وشغلهم بها .وأولئك شبهم الله تعالى بالبهائم بل حالهم أسوء .قال تعالى عنهم في قرآنه..كالأنعام بل هم أضل سبيلا..أما عن القسم الأول وهم اهل الإيمان إنقسمت احوالهم في الدنيا إلى قسمين.

القسم الاول وهم الذين تعلقت أرواحهم بالكلية بربهم ومولاهم عز وجل ولم يشغلوا بغيرة تعالى ولم تأخذهم الدنيا بزينتها ولا الآخرة بنعيمها .وهؤلاء هم اهل محبة الله تعالى وولايته والمشار إليهم بقوله سبحانه..السابقون السابقون أولئك المقربون ثلة من الاولين وقليل من الآخرين..وهم اهل الرضا والرضوان ومجالسة الرحمن ..

والقسم الثاني منهم هم المؤمنون الذين آمنوا بالله تعالى وصدقوا بالرسل الكرام عليهم السلام ولكن لم تخلص وجهتهم لله بالكلية حيث انهم خلطوا في أعمالهم منها الاعمال الصالحة الحسنة والاعمال السيئة الرديئة وهؤلاء اقرب إلى عفو الله تعالى ورحمته ويدخلهم سبحانه الجنة في الآخرة ولكنهم يحرموا من معايشة الأنس بالله عزوجل ومن المقام في حضرة القرب .

هذا وعلى اثر هذه الاحوال الثلاثة المختلفة ذات التوجهات المختلفة يكن المقام في الآخرة كما جاء في قوله سبحانه..وكنتم ازواجا ثلاثة..أي رجال ونساء على ثلاثة أحوال..اصحاب الميمنة ما اصحاب الميمنة..وهم اهل اليمين أهل الجنة..وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة..وهم أهل الشمال اهل النار..والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم..أي اهل القرب المقامون في جنة نعيم الأنس بالله تعالى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى