تحقيقات وحوارات

فذكر إن نفعت الذكرى

( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين )

بقلم الكاتب الأسلامي رمضان البيه

في زمن الغفلة والإنقياد خلف الأهواء والشهوات وحظوظ الأنفس والإنغماس في المعصية والرزيلة ونبذ كتاب الله تعالى وهجر هدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله وترك سنته الرشيدة وجب على المصلحين من أهل العلم والصالحين تذكير الناس والأخذ بأيديهم برفق إلى حظيرة الإيمان وتذكيرهم بالرحمن سبحانه وتعالى والمآل لعلهم يفيقوا من غفلتهم التي طالت . ومن باب النصح والتذكير أقول وبالله تعالى التوفيق ( العز في الطاعة، والذل والمهانة في المعصية، لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار على المعصية، العبد مطالب بالإقرار والإعتذار، الإقرار بفضل الله تعالى وبالتقصير والإساءة، والإعتذار والندم على المعاصي والزلات، وفي الحديث: “الندم توبة، ومن أقر بذنبه فلا ذنب له، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له”، والتائب حبيب الرحمن، لا تجعل معاصيك تحول بينك وبين رحمة ربك سبحانه..

فمهما عظمت ذنوبك عفو ربك ورحمته أكبر، ولا تيأس من روح الله أي من رحمته عز وجل ولا تقنط مع إسرافك، وتذكر قوله تعالى: “قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ٱن الله يغفر الذنوب جميعا” وقوله سبحانه وتعالى : “ورحمتي وسعت كل شيء”، وقوله جل في علاه: “كتب ربكم على نفسه الرحمة”، فيما عدا أن يشرك بالله عز وجل.. مهما كانت الذنوب يغفرها الله عند الرجوع إليه واستغفاره تعالى، وإعلم أن الذنب الذي هو أكبر من أي ذنب هو أن يظن العبد أنه لن يغفر الله عز وجل له لعظم ذنبه..

إبتلاءات الله تعالى للعباد رحمات من الله لا يدركها الكثير من الناس ، فهي تطهير للعامة وترقية ورفعة في الدرجات لخاصة أهل الإيمان ، من وصايا أهل الله للعبد إذا وقع في معصية ألا يفارق موضع المعصية ٱلا إذا أتى بطاعة، وأن يعمل عملا طيبا فإن الحسنات يذهبن السيئات، وعلى المؤمن حسن الظن وإن كان في غير أهله وترك سوء الظن وإن كان في أهله . ويجب على المؤمن إخلاص النية وأن يكن جميلا في كل شيء في ” اخلاقه ومعاملاته وطبعه وسلوكه وتصرفاته وكل ما يصدر عنه حتى يريه الله تعالى الجمال في كل شيء..

” معلوم أن كل إنسان يرى بمنظوره، فأهل الجمال يرون بعين الجمال، وأهل الكمال يرون بعين الكمال، وعلى المؤمن أن يكن أيضا جميلا في أحواله، في صبره فلا يشكوا .. وفي هجره فلا يسئ وفي صفحه حتى يكن ممن عملوا بقوله عزوجل، ( فصبر جميل والله المستعان ) .والصبر الجميل هو الصبر الذي ليس فيه شكوى، وكذا في الهجر، ( فأهجروهن هجرا جميلا ) والهجر الجميل هو الذي ليس فيه إساءة، وكذا في الصفح الجميل.. ( فأصفح الصفح الجميل ) ، وهو الذي ليس فيه معاتبة ولا تذكر الإساءة، وعلى المؤمن أن يحذر من الشماتة في مصاب أحد في ابتلائه وفقره ومرضه وموته، ولا حتى في وقوعه في المعصية .. وأن لا يذدري أحد أو أن ينظر إلي أحد بعين النقص والإحتقار، ولا يغب عنه قول القائل: “لا تلقى الشماتة بأخيك فربما يعافيه الله ويبتليك، وعلى المؤمن أن يتهم نفسه بالنقص والتقصير دوما وأن يحذر من النظر لنفسه بعين الكمال ، وأن لا يرضى عن نفسه مهما بلغت من الكمال حتى لا يركن ولا يفتتن فيحجب . ويجب على المؤمن أن يكن بأهل الله مقتديا فقد كانوا يتهمون أنفسهم الكريمة بالنقص والتقصير، ويقابلون مدح الناس وثناءهم عليهم بمزيد من الخضوع لله والتواضع، وعلى المؤمن أن يسعى في قضاء حوائج العباد ما إستطاع لعل الله يجعل له نصيبا مع الذين حبب الخير إليهم وحببهم في الخير وهم الآمنون يوم القيامة”.

و على المؤمن أن يتذكر أن الله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه، ومن فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، وعنه صلى الله عليه وسلم وعلى آله أنه قال : “من سعى في قضاء حاجة أخيه المؤمن إنسلخ من ذنوبه كيوم ولدته أمه”، قيل: “قضيت أم لم تقض يارسول الله”، قال: “قضيت أو لم تقضى”، وفي الحديث أيضا عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: “ثلاثة يخاطبهم الله يوم القيامة على منابر من النور ؛ مشبع الجوعان ومكسي العريان ومغيث الملهوف وفي رواية ودليل المحتاج”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى