منوعات

فذكر إن نفعت الذكرى

بقلم الكاتب الأسلامي رمضان البيه

ما من مؤمن إلا وهو يؤمن ويعلم يقينا بالموت والرحيل ومفارقة هذه الدار مهما طال عمره فيها ويؤمن بالبعث واليوم الآخر والحساب وملاقاة ربه تعالى والوقوف للحساب.. وعندما يأتي خبر وفاة أحدنا كلنا نقول كلمة حق ويقين .

نقول إنا لله وإنا إليه راجعون وسبحان من له الدوام وكل من عليها فان . وكلنا يعلم يقينا أن الموت ملاقيه لا محالة وأن لكل أجل كتاب وكلنا لا نعلم متى ينتهي الأجل ونفارق دنيانا وكل ما آل إلينا فيها .

نفارق المال عند لفظ النفس الأخير ..ونفارق الأهل والولد والأصحاب بعدما نوضع في القبور . نقارق كل ما كنا نملكة من حلي وزينة وفراش وملبس .نقارق الجاه والنفوذ والسلطان إن كنا نملكه . وحتى أسماءنا نفارقها ويشار إلينا بالأمانة ويقال خلي بالك من الأمانة عندما نحمل على الأعناق .أو يقال . الجثة .وتتردد الكلمات من حول المتوفى .. الحي أبقى من الميت وإكرام الميت دفنه والتعجيل بالجنازة أو الدفنة من السنة ويسرع بنا أحب الناس لنا وأقربهم إلينا في تجهيزنا بالغسل والتكفين والصلاة وحملنا إلى القبر وهو المثوى الأخير لنا على الأرض وفي الدنيا وهو كما أشار الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله أنه أول منازل الآخرة. والذي لا نعلم كم من الزمن سوف نمكث فيه .عشرات أو مئات أو الاف السنين..

لا ندري .كذلك لا ندري كيف سيكون حالنا في القبر محل الظلام الموحش وبيت الدود والأفاعي .هل سينار لنا القبر ونأنس فيه .

أم سيكون مظلم موحش نشقى فيه ونتألم وفي الحديث يقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله( القبر إما روضة من رياض الجنة ..إشارة إلى الإحساس بالتنعيم .. وإما حفرة من حفر النار ..أشارة إلى الإحساس بالعذاب والألم ).

وهذا يتأتي على أثر مشاهدة المتوفى في اللحظات الأخيرة قبل وفاته عند رفع الغطاء والحجاب عنه والخروج من عالم التقييد إلى عالم الإطلاق كما أشار سبحانه وتعالى بقوله ( فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ) ويرى مآله إما إلى الجنة دار الخلد والسعادة والنعيم او إلى النار والعذاب والويل والثبور .

هذا وعنه صلى الله عليه وسلم وعلى آله أنه قال ( لا يفارق العبد الدنيا حتى يرى مقعده من الجنة أو النار ) من هنا القبر إما روضة من رياض الجنة وإما حفرة من حفر النار وهذا متعلق بالحس على أثر مشاهدة المتوفى مآله ومقامه ومستقره عند وفاته عندما يرفع عنك الحجاب .ثم بعد أن نحمل على الأعناق ونحن لا حول لنا ولا قوة ونشيع إلى القبور وندفن .

ويمكث الأهل والأقارب والأصدقاء والمشيعين حول القبر قرابة الساعة ثم ينصرف الكل ويحزن ويبكي قليلا ثم نكون بعد فترة من الزمن مجرد ذكرى وسيرة تذكر إما بالخير أن كنا من أهل الخير وإما بالشر ونلعن إن كنا من أهل الشر .. لا شك أن هذا هو المصير وهذه الحقيقة المؤكدة والتي لا مفر ولا مهرب منها ..

المهم كلنا نعلم ونوقن أننا عن دنيانا راحلون ولها مفارقون والموت مدركنا وملاقينا لا محالة وإلى قبورنا قادمون وبأعمالنا مرتهنون وفيها ماكثون إلى أن يأذن الله تعالى بقيام الساعة و البعث والحشر والنشور للحساب .

هذا وسوف نكون رهائن لما قدمنا في حياتنا من الأعمال والتي سوف تلازمنا في قبورنا وتظل معنا إلى ان نلقى الله تعالى بها . فهل لنا مع أنفسنا وقفة وحساب ومراجعة أحوالنا ومحاسبة أنفسنا قبل أن نقف للحساب أخذا بقول الهادي البشير السراج المنير صلى الله عليه وسلم وعلى آله( حاسبوا أنفسكم من قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم من قبل أن توزن عليكم. الدنيا عمل بلا حساب والآخرة حساب بلا عمل ) .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى